تابعي الاثر

الأحد، يناير 23، 2011

الثور المجنح الآشوري (شيدو لاماسو)

الثور المجنح الآشوري (شيدو لاماسو)
آشور كيواركيس
الخلفية الميثولوجية والإنتشار




http://sphotos.ak.fbcdn.net/photos-ak-snc1/v2668/11/123/808110051/n808110051_6305765_490322.jpg

لحظة اكتشاف الثور المجنح في مدينة الموصل 





"شيدو لاماسو" ... هكذا يرد إسمه في الكتابات الآشورية، وأصل كلمة "لاماسو" هو من "لامـّو"(Lammu) السومرية وكان هذا الإسم يستعمل لأنثى من الجن مهمتها حماية المدن والقصور ودور العبادة، أما الجن الذكر الحامي فكان بالسومرية يُعرَف بـ "آلادلامّو" (Alad-lammu) وبالآشورية القديمة (الآكادية) سمّيَ "شيدو" (1) – (2) ، ولا تزال عبارة "شيدا" وأحيانا "شدّا" تستعمل بالآشورية الحديثة ومعناها أيضا "الجن" ومنها تأتي عبارة "شيدانا" المستمدّة من المعتقدات الآشورية القديمة حول "الممسوسين من الجنّ" ومن هذه العبارة أتت "مجنون" بالعربية، أيضا نسبة إلى الجنّ..

ويقع الكثير من الناس في مغالطات عاطفية غالبا ما تكون ساذجة في ظاهرها وصادرة عن إناس بسطاء، إنما نابعة من أيديولوجيات سياسية أو دينية سابقة تهدف إلى تشويه التاريخ بالقول بأن الآشوريين القدماء قد عبدوا "الثور المجنـّح"، وأبسط ما يدحض هذه السذاجة هو المدونات الآشورية. وبحسب أستاذ علم الآثار الآشورية جون راسل، لقد ورَد ذكر هذا الجنـّي في كتابات الملك الآشوري سنحاريب كما يلي: "لقد جلبت رجالا أسرى من المدن التي غزوتها وبنوا لي قصرا يقف على بوابته إثنان من الآلادلامـّو ..." (3) وبهذه الحال إن تهمة "عبادة الثور المجنح" تبطل لأنه ليس من الممكن أن يكون الإله حارسا على بوابة قصر عبده.

والكثير أيضا يعتقدون بأن اللاماسو هو نبوخذ نصّر(562- 605 ق.م) (4) ، كون الله – بحسب خرافة التوراة – قد حوّل نبوخذ نصّر إلى ثور بأظافر النسر (دانيال، 4: 31-34) وينسبون الثور المجنح إلى نبوخذنصر علما أن اللاماسو عمره أقدم من أجداد نبوخذنصّر.

واللاماسو هو نوع من الكائنات الأسطورية المختلطة التكوين، فهي في أكثر الأحيان ثور مجنح برأس إنسان وأقدام أسد (الصورة رقم 1)، أو برأس إنسان وأقدام ثور (الصورة رقم 2) - وقد أخد أشكالا عدة خلال حقبات التاريخ، وحتى في آشور نفسها حيث نجده أحيانا تحول إلى أسد غير مجنـّح ولكن برأس إنسان ذي أيدي وهو مخصص للحماية أثناء الإستحمام (تقول المعتقدات الآشورية القديمة أن رمي أو تحريك المياه الساخنة تجذب الـ"بازوزو" (5) (الصورة رقم 3) أو الروح الشريرة، ولا تزال النساء حتى اليوم تستعملن عبارة ".. كش .." عفويا، وهي لطرد الأرواح الشريرة لدى رمي أو تحريك الماء الساخن، ويسمى هذا الأسد المجنـّح بالآشورية "أورمالولــّو"، وقد وجدت إحدى لوحات الأورمالولــّو في حمـّـام قصر الملك آشور باني- أبلي (بانيبال)، ويعود عمر اللوحة إلى العام 640 قبل الميلاد (الصورة رقم 4).

وإن اللاماسو هو قوة تجمع أربعة عناصر تكوّن الكمال (الأسد للشجاعة والثور للقوة والنسر للمجد والإنسان للحكمة)، وهو فكرة مستمدّة من اعتقاد البشر بالعناية الخارقة، وقد امتدت هذه الفكرة لمختلف الحضارات حيث نجد حزقيال في خرافة التوراة حين كان مسبيا من قبل الآشوريين، يتحدّث عن مركبة رآها فوق نهر الخابور لها رأس إنسان وأقدام عجل وجسم أسد وأوجه مطلة في كافة الإتجاهات .. (حزقيال، 1: 1-14)
http://i44.tinypic.com/v5b8km.jpg

كما نجد اللاماسو الآرامي (الصورة رقم 5) والحثي (الصورة رقم 6)، كذلك انتشرت الفكرة إلى حضارات أقاصي آسيا ومنها التاميل (الصورة رقم 7) ومنه جاءت شخصية الـ"غيوكي" الأسطورية اليابانية في مهرجانات الـ"متسوري" الشهيرة، وحتى الرومان الذين استعملوا في نقودهم رمز الثور برأس إنسان (الصورة رقم 8– قطعة نقدية من Palermo – جنوب إطاليا، وتعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد)، وقد وجدت رسومات مصرية حول أبي الهول الذي يقاتل ويدوس على أعداء الفرعون تحوتموس (الصورة رقم 9) وتمثال أبي الهول لا يزال أمام أهرام الجيزة حارسا قبور الفراعنة وكنوزهم (الصورة رقم 10)، كما أن فكرة "الملاك الحارس" التي رسّخها في الكنيسة الفيلسوف ديونيسيوس الأريوباغي Dionysius the Areopagite)) (6)، مستمدّة من فكرة "عناية الله" بأشخاض مختارين لهداية البشر وهم في أغلب الأحيان القديسون، وقد انتشرت فكرة "الملاك الحارس" لتتمثل في الفن الديني مثل الأيقونات لدى الكنيسة الأورثوذوكسية الروسية (الصورة رقم 11)، لا بل تعدى ذلك إلى تبني عناصر اللاماسو كرموز للرسل الإنجيليين الأربعة (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) كما في الأيقونات اليونانية (الصورة رقم 12 لاحظ رأس كل قديس) وكذلك الأمر في الكنيسة القبطية (الصورة رقم 13) وحتى الكنيسة الكاثوليكية وذلك واضح في سيرة الإنجليين الأربعة التي أهداها البابا غريوريوس إلى القديس أوغسطينوس في العام 587 م حيث نجد صوراً للوقا ومرقس وفوق كل منهما رمزا يحميه (النسر لمرقس والثور للوقا والإنسان لمتـّى) (الصورة رقم 14 و 15 و 16) (7) كما نلاحظ الثور المجنح نفسة (رمز لوقا) بنقش واضح من العاج، من القرن الثاني عشر الميلادي (الصورة رقم 17) (8) - وصورة أخرى من العام 820 م (من الفن الكاروليغاني الأوروبي - الصورة رقم 18)

ولا يخفى على أحد بأن أوّل من جمع الأناجيل الأربعة هو "ططيانوس الآشوري" (130-180م) الذي جمع الأناجيل الأربعة في كتابه "دياطسرون" (9) لذلك فمن الطبيعي أن يتم وضع البصمة الآشورية على فكرة المربـّع الإنجيلي، كون البشارة تتصف بالكمال (الحكمة والشجاعة والقوة والمجد)، وهذا ما أراده ططيانوس للبشارة بالسيد المسيح.

وهكذا نلاحظ مرّة أخرى رقيّ الفلسفة الآشورية لتكون ليس رسالة نبوءة فحسب (قيامة المخلص بعد موته بثلاثة أيام في آكيتو، والثالوث الأقدس الآشوري قبل المسيح (10) ...)، بل أيضا وأيضا أساسا للتعبير عن مقوّمات الديانات اللاحقة وبشكل خاص المسيحية التي يأبى القسم الأكبر من أتباعها أن يوصلها بمقدمتها الآشورية لأسباب عاطفية ويعود ذلك إلى "خوفهم" من الله أكثر من "إيمانهم" به.




















 

























على كل طرف ثور مجنح
والثور المجنح كان يرمز إلى القوة والحكمة والشجاعة والسمو


للثيران المجنحة خمسة أرجل وليس أربعة كما في الحيوانات العادية.
لماذا؟ وكيف؟
ظهرت عدة تفسيرات لعدد الأرجل منها ما يقول بأن الرجل الخامسة مضافة للدلالة على السرعة في الحركة. ولكن البعض الأخر دحض هذه الفكرة وقال بأن الرجل الخامسة وضعت لتصور الثور المجنح في حالتي الحركة والوقوف. كيف؟
عند النظر له من الجانب يبدوا متحرك.
وعند النظر له من الأمام يبدوا في حالة السكون.
وأهم ما توصل له العلماء أنها تدل على (الثبات والتوطد والإستعصاء والحركة)
وبهذا فقد أمتلك خاصية تزيد من فخامتة في نظر الأشوريون القدامى.


لما الأثوار المجنحة بالذات؟

من كل ما ذكر أعلاه مقدما نجد بأن الثور المجنح يمتاز بقوة وماكنة عظيمة أو كبيرة إذا صح التعبير لدى الأشوريين وأن الترجمة الحرفية لـ(شيدو لاماسو) تعني طارد الشرير وكان يمثل لدى الاشوريين القدامى الحامي من الأعداء والأمراض والشرور (حسب إعتقادهم).


سبب إختلاف الثيران المجنحة

إلى جانب الثيران المجنحة في بعض الأحيان كانت هناك تماثيل بأربعة قوائم، وأحياناً كان يستبدل جسم الثور بجسم أسد ذكر بأن سبب ذلك كان يرجع لعدم توفر بلوكات الصخور الكبيرة أخيراً
لذا في زمن الملك آسرحدون (680-668 ق. م.) كانت تنحت أجزاء الثيران على عدة صخور ثم تلصق مع بعضها لتعطي التمثال كاملاً.
أما في عهد الملك أشور بانيبال (668-626 ق.م.) فلم تنحت منها اي تماثيل وذلك لندرة الصخور المناسبة حتماً.
إكتشاف الثور المجنح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق