تابعي الاثر

الثلاثاء، يوليو 26، 2011

الرقص مختلف مع زوربا


” يا بني: إن الإله الرحيم كما ترى, لا تستطيع طبقات السماء السبع وطبقات الأرض السبع أن تسعه. لكن قلب الإنسان يسعه! إذن, إحذر يا بني, من أن تجرح ذات يوم قلب إنسان.”
زوربا اليوناني.

إن لم تقرأ الرواية, فإنك على الأغلب قد سمعت سابقاً بهذا الاسم لرواية تحمل نفس الإسم: زوربا. أتذكر في إحدى المعارض السابقة اسم لأحد الكتب بعنوان: هكذا تحدث نيتشه, هكذا تحدث زوربا. أصبح زوربا في ذهني مرتبط بالحكمة والفلسفة. كل ذلك بسبب هذه الشهرة الكاسحة لهذا البطل والدراسات والمقالات التي تتحدث عن هذا الحكيم اليوناني: ألكسيس زوربا.

بدأت بقراءة الرواية قبل سنة وتوقفت عند الصفحة الستين. لم أجد فيها ما كنت انتظره من شهرة كاسحة لهذه الرواية. توقعت شيئاً أكبر ولم أجده. أعدت قراءة الرواية هذه الأيام و طويت الصفحة الأخيرة من الرواية قبل ثلاث ساعات, وأتبعتها بفيلم الممثل المشهور أنطوني كوين : Alexis Zorbas.

قد لا يكون زوربا فيلسوفاً بالمعنى المجازي لكلمة فيلسوف: شخص تفرغ للعلم وبين طيات الكتب. لقد صدمت وأنا أقرأ الرواية حين شاهدت زوربا إنسان بدائي مضحك لا يقرأ الكتب, أو سندباد بحري كما يحب أن يطلق على نفسه, كل حياته مسخرة للحياة وللهو وللعمل. لا يفكر إلا في اللحظة الآنية, يتحدث عن إشكاليات الوجود والحياة, وهو نفسه مدير أعمال الراوي في منجم الينيت, وهو ذاته العازف على آله السانتوري والراقص لرقصته الشهيرة, وهو ذاك الذي توفي وهو يصرخ ويتشبث بالنافذة ليطل منها على الحياة التي عاشها بكل ما فيها.

- هل تستطيع أن تخبرني لماذا يموت الإنسان يا باسيل؟ مالذي تقوله كتبك عن هذا؟
- إن الكتب لا تجيب عن هذه الأسئلة وإنما تتناولها وتحاول تفسيرها.
- أني أبصق على كتبك.

إذا أردت أن تكون مثل زوربا, يجب أن لا تنظر إلى العرق والدين والشكل واللغة, بل انظر إلى الإنسان فقط. إنه إنسان, يأكل, ويشرب, ويحب, ويخاف, سيلقي سلاحه لاحقاً, ويرقد جثة متصلبة تحت الأرض. أن تكون زوربا, معناه أن تعيش صخب الحياة. .. ” إننا جميعاً أخوة أيها الرئيس “. هناك ثيمة كانت بالنسبة لي عامل جذب لقراءة الرواية بسرعة كبيرة, وهو هذا المزج المثير بين الحس الكوميدي العالي والفلسفة العميقة. عندما انهار المصعد كان زوربا يهرب, العمال يهربون, القساوسة يرمون أنفسهم في البحر, حتى الرئيس يولي الأدبار خوفاً من سقوط هذا الذي بنته سواعد كانت تحت قيادة زوربا. في الفيلم أنطوني كوين وهو يضحك بشكل هائل: هل شاهدت القساوسة وهم يرمون أنفسهم في البحر أيها الرئيس؟. كانوا مضحكين. بالفعل كانوا مضحكين للغاية. لوحة كوميدية تمثل لك الآمال العريضة لحظة وصول الرئيس وزوربا إلى كريت, والسواعد التي تبني المنجم في كريت, ثم هذا الإخفاق المدوي والفشل الذريع للإستثمار. لكن كان هناك نجاح آخر. وهي تلك العلاقات التي تربط الإنسان بكل ما حوله: لو كنا نعرف ما تقوله الأحجار والأزهار والمطر, لعلها تنادي .. تنادينا ونحن لا نسمع, متى ستنفتح آذان الناس؟ متى ستنفتح أعيننا لنرى؟ متى ستنفتح الأذرع لنعانق الجميع, الحجارة, والأزهار, والمطر والبشر؟

لا يمكن أن تتحدث عن زوربا دون أن تذكر رقصة زوربا, أو حتى محاولة أن ترقص مثله. الرقص, نعم ..الرقص؟ هل تعرف أن ترقص؟ أن ترقص رقصة زوربا, معنى ذلك أنك ستصل إلى تلك النشوة القصوى, والتحرر الذي يربطك بكل منغصات هذا العالم المادي, هو الهروب من هذا السواد, هو الإلتصاق بالأرض التي تسير عليها .. وتقفز, ثم تقفز, ثم تقفز, وعلى وجهك ابتسامة, قد لا تظهر لك مرة أخرى. كان الراوي/ الرئيس يرفض الرقص عندما طلب منه زوربا في بداية الرواية ذلك. في نهاية الرواية, عند نهاية هذا المشهد المضحك من الدمار, يبتسم الرئيس: هل تعلمني الرقص, يا زوربا؟ المشهد كان جميلاً في الرواية, وفي الفيلم الذي جسده أنطوني كوين, ستقول بكل ثقة, أن هذا الفيلم من الأفلام التي تقدم لك نهاية ممتعة وحقيقية, وعلى وجهك ابتسامة .. وسترقص مثل زوربا!
 ا
من روائع زوربا 
ما أروع هذا البياض الذي يلون سماء حبنا بالندف العشقي,هذا الصباح نام المطـر قليلاًعلى كتف غيمة,وصحا الثلج من ثباته الصيفي ليهطل على أرض شوقي بدعوة صريحة من زوربا لأرقص معه بلا موعد...هنا معاً على موسيقا الشتاء المحمل ببرد انكساراتنا.
هذا الصباح يغري كانون أصابعي بالكتابة بذاكرة قلم ممتلئة بحبر الانتظار...آه يازوربا كم جميل رقصنا معاًتحت مطر سقوطنا ,والأجمل هو هطولنا تحت ثلوج عشقنا.
-جلّ ما أخشاه زوربــــــــــــــا..أن أرتكب حماقاتي الجليدية معك,وأحترف -بالرقص معك- التزلج أيضاً,وذراعك الوحيدة ملتفة حول خاصرة عمري.
آآآآآآآآآآآه ما أجمل الشتاء,وأروع الرقص طربا, كنت وزوربا ملتحمين عشقاً ...,بيد أن الصباح مرّ من جانب قهوتنا ولم ننتبه لوجوده بننا,فربما يوماً ما سنكون في فنجان
الزمان قهوة,تبتسم لعمرنا الذي مضى..وهو ينتظرنبوءة العرافة التي قرات أكفنا يوماً أن تتحقق ...ونلتقي كما الآن.. ونرقص مثل الآن.
-زوربــــايهمس بأذني رشفات حب ويقول فيها:كنت راية على أحلام حزينة قبل أن أراكِ والآن صرتُ معك بيرق عشق وحرية بعد أن فتحت قلبي..
وتستمر الموسيقا الجميلة ويستمر الرقص العشقي ..
-ألاتدري "زوربا" بأن الحروف خلقت على أرض الكتابة بإرادة إله الأبجدية ,أما كلمات العشق فقد انجبتها أرحام الحب,لذلك تبقى مرتبطة بالحنين إلى حبل سري للقلب الذي تبحث عنه.
-زوربا(يبتسم):كل الذي أذكره أنني بدأت معك ذاكرة جديدة للقلب وللجسد أيضاً.
ويستمر الرقص الجميل,ويستمر الثلج بالهطول أيضاً,وقلوبنا البيضاء تهطل عشقاً ونرقص....ونحن نفكربالموسم الجديد للشتاء القادم.
-هكذا هو العمر زوربا
نرمي ورقة جديدة في سلة الذاكرة التي ترفض أن نفرغها من ألمنا ووجعنا وحزننا ومن الحب أيضاً.
نقول عام سعيد..ونحتفي وتبهرنا السعادة المقنعة للحتفال بنا وبهم..وبإطفاء الشموع التي أشعلناها بأعواد الملح المترسب على بحارٍ ارتدنا شواطئهاوكنا تارةً نحسن قيادة المركب..وأكثر المرات نخطأ التجذيف ونسقط..
معاً زوربا ..هيا حبيبي فالرقص صار أجمل بكثير..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق