تابعي الاثر

الأربعاء، مارس 14، 2012

منير بشير الفلامنكو

لا شك أن منير بشير هو من أبرز من ساهم في طرق الأبواب لإعادة النظر في إمكانيات العود وهو من الرواد الذين سعوا إلى تطوير أساليب العزف على هذه الآلة، إلا أنني أتساءل عن حدود وشكل هذا التطوير، وهل من الممكن أن يحفظ للآلة تميزها وهويتها الشرقية دون أن يتحول العزف إلى إستعراض للعضلات؟ ودون أن تتحور آلة العود إلى "بانجو" أو "جيتار"؟؟

بدات رحلة منير بشير مع الالحان العراقية العربية لكنه سرعان ماتحول الى النمط الغربي فقد بدات بداية جديدة "الرحلة" بإتخاذ ملامح غربية في طبيعة الألحان أولاً وفي أداء منير بشير ثانياً. والحديث هنا ليس عن ألحان منير بشير والمستوحاة بشكل واضح من الموسيقى الغربية كما في "سنابل"، "بصرة"، "بابل" و "خطوة ما بعد منتصف الليل" أو من الفلامنكو كما في "نارين"، إنما عن أداء منير بشير كذلك. يبدو أن منير بشير مهموم بابراز إمكانيات الآلة وقدرتها على محاكاة أنماط متنوعة من الموسيقى العالمية، يؤكد ذلك إختياره للأُغنية الغربية "Johnny Guitar". والواقع أني لا أجد تفسيراً غير هذا لوجود هذه الأُغنية في إسطوانة تحمل عنوان"رحلة مع العود حول العالم العربي"! ويبدو كذلك أنه حريص على الإبتعاد عن النمط التقليدي لعزف آلة العود من حيث إرتباطها بالتطريب ومصاحَبة الصوت البشري. إلا أن هذه الحرص المفرط كما يبدو جعل بشير يقع في مأزق آخر، فإذا كانت كثرة إستخدام الزخارف والإهتمام بالتطريب على حساب المعنى من المآخذ على الموسيقى الشرقية، فإن مأخذي الأول على منير بشير هو المبالغة في التقشف في الأداء دون مراعاة – في كثير من الأحيان- لـ"مزاج" اللحن مما يضفي شيئا من الرتابة على الأداء ويقلل من الحضور الشخصي للعازف الشرقي. ولعل"شوان" وهي مقطوعة شبه مرتجلة على موتيفات من التراث الغنائي الكردي مثال على ذلك. فلم نلحظ أن بشير حاول تعويض الإختلاف بين آلة العود والصوت البشري في الأداء. وإن كان التنوع المقامي لقطعة مثل "شوان" قد خفف شيئاً من رتابة العزف إلا أن لحناً مثل "أُم الخلخال" – وهو لحن لبشير- لم ينجح في ذلك. هذا اللحن، من مقام "حجاز كار" جميل رغم بساطته الشديدة، وبعكس قطعة "خطوة ما بعد منتصف الليل" حيث يعكس الصمت والسكوت كما أراده منير بشير شيئاً من الترقب والخوف المتناسبين مع طبيعة لحن وموضوع القطعة، فإنني أتساءل عن الجدوى من فترات الصمت الطويلة في "أُم الخلخال"؟ فبإستثناء القسم الثاني من القطعة الذي بدا أكثر حيوية كونه أسرع وذا إيقاع ثنائي، كان الأداء غريباً على موضوع المقطوعة "أُم الخلخال". بدأ بشير اللحن بإستعراض واضح لإمكانات العازف وبمقدمة توحي بشكل ما إلى أجواء ألف ليلة وليلة. إلا أن الأداء الحرفي والتبسيط المبالغ فيه للجمل فيما بعد أفقد اللحن كثيراً من جماله وجعله ركيكاً إلى حد ما. والغريب كذلك ألا نُحس أي نفحات شرقية في الأداء رغم أن القطعة جاءت على مقام "حجاز كار"، عدا عن الجمل القليلة التي يؤديها الناي حيث يبرز تباين واضح جدّاً بين أداء العود وأداء الناي.







أما مأخذي الثاني فهو الحرص الزائد على إستعراض إمكانات منير بشير كعازف مُهملاً السياق الموسيقي للحن وبشكل خاص عند الإستخدام المتكرر غير المُبرّر للكوردات (chords). أول الأمثلة على هذا وأوضحها أُغنية "هلاليا" الشامية من مقام عجم، فبالإضافة إلى الإستخدام المبالغ فيه للكوردات نلاحظ إختلاف أسلوب أداء الناي الذي يحاول هنا تقليد صوت آلة الفلوت الغربية في محاورته للعود ويعزز هذا المزاج الغربي إرتجال منير الذي لا يختلف كثيراً عن إرتجالاته في "طالعة من بيت أبوها" و "البنت الشلبية" أو "تشيمالي والي" التي تنوعت ألحانها بين مقامي عجم ونهوند وهي بالتالي مقامات يسهل من خلالها إبراز مثل هذا المزاج الغربي نظراً لكون سلالمها مطابقة للسلمين الكبير والصغير في الموسيقى الغربية.




اقدم لكم مقطوعة فلامنكو الاكثر شهرة في مسيرة منير البشير


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق