ارتبط القمر منذ الأزل بالكثير من
الأساطير والقصص والمعتقدات الشعبية في العديد من ثقافات العالم.
اليابانيون، مثلا، كانوا يعتقدون أن القمر تسكنه أعداد كبيرة من الأرانب
الصغيرة. والصينيون يعتقدون أن إلهة الحبّ والزواج التي تيّسر لرجال ونساء
الأرض الاقتران ببعضهم تعيش في القمر.
وبعض قبائل الهنود تعتقد أن امرأة تسكن القمر وتحتفظ هناك بالكثير من دلاء الماء وأنها السبب في نزول المطر على ساكني الأرض.
وسواءً كان ضوء القمر فضيّا أو ذهبيا، غامضا أو حزينا، ساطعا أو باهتا، فإنه يمكن أن يكون منارة في الظلام أو نذير شؤم وخراب، بحسب ما تؤمن به هذه الثقافة أو تلك.
لكنْ أيّا ما كانت دلالات القمر أو تفسيراته، فإنه ظلّ على الدوام مصدر إلهام ليلي للفنانين أيضا، الذين صوّروه في أطواره المختلفة وبأساليب تعبيرية متنوّعة.
وبعض قبائل الهنود تعتقد أن امرأة تسكن القمر وتحتفظ هناك بالكثير من دلاء الماء وأنها السبب في نزول المطر على ساكني الأرض.
وسواءً كان ضوء القمر فضيّا أو ذهبيا، غامضا أو حزينا، ساطعا أو باهتا، فإنه يمكن أن يكون منارة في الظلام أو نذير شؤم وخراب، بحسب ما تؤمن به هذه الثقافة أو تلك.
لكنْ أيّا ما كانت دلالات القمر أو تفسيراته، فإنه ظلّ على الدوام مصدر إلهام ليلي للفنانين أيضا، الذين صوّروه في أطواره المختلفة وبأساليب تعبيرية متنوّعة.
عُرف الرسّام الانجليزي جون غريمشو بمناظره الشاعرية التي تصوّر غروب الشمس أو ضوء القمر ليلا.
وكان معاصروه من الرسّامين مفتونين بلوحاته. وكثيرا ما كان بعضهم يقلّدها وينسج على منوالها.
ويقال إن رسوماته لقريته "ويتبي" والتي يظهر فيها ضوء القمر دائما هي التي ألهمت الروائي برام ستوكر وصفه الجميل لتلك القرية في روايته المشهورة "دراكيولا".
في هذه اللوحة بعنوان "تحت ضوء القمر"، يرسم غريمشو منظرا ليليا لقريته وقت هطول المطر.
الجوّ الغامض للأفق وفانتازيا امتزاج المطر بالضباب وضوء القمر والجوّ المغسول بالألوان الزرقاء والبرتقالية، كلّها عناصر تصلح لأن تكون المعادل البصري لإحدى روايات تشارلز ديكنز.
في اللوحة أيضا هناك حضور لامرأة وحيدة تمشي في الشارع تحت المطر. وكلّ لوحات الرسّام - خاصّة مناظره الساحلية الحالمة - يبدو الأشخاص فيها صغارا مقابل الكتلة الضخمة للأرض والسماء، ما يرمز – ربّما - لمرور الزمن والحضور الإنساني العابر.
ولد وليام ريمر عام 1816 في انجلترا. وقد وصل إلى الولايات المتحدة وهو طفل. وعمل في ما بعد رسّاما ونحّاتا. وقد تتلمذ على يديه في مرحلة تالية الرسّام الانطباعي الأمريكي المعروف تشايلد هاسام.
كان ريمر خبيرا في التشريح الفنّي وكان مفتونا بالشكل البشري. وقد قاده ذلك إلى دراسة قبائل الهنود الحمر الأمريكيين.
في لوحته "هنود يراقبون خسوف القمر" التي رسمها عام 1848، يمزج ريمر دراسته لسكّان أمريكا الأصليين بالقوّة والخوف. إذ تُظهر اللوحة أفراد القبيلة وهم يراقبون بتقديس واحترام هذه الظاهرة الطبيعية.
الرسّام الأمريكي وينسلو هومر استخدم ضوء القمر الشاحب كخلفية لعدد من لوحاته المثيرة. كان هومر بارعا كثيرا في رسم التأثيرات الجوّية، مثل أشكال الغيوم وحركات المدّ والجزر والطول المناسب للظلال في أوقات مختلفة من ساعات النهار. واستطاع أيضا أن يجمع بين براعته الفنية ورؤيته الفريدة للطبيعة الإنسانية.
في بعض لوحاته مثل "ليلة صيف"، يبدو المشهد الليلي للقمر وكأنه يخفّف من قيود النهار ليغري امرأتين بالرقص على الشاطئ.
وفي لوحة "ضوء القمر"، يجلس رجل وامرأة على الشاطئ وهما يحدّقان في المحيط.
الرجل يبدو وكأنه يميل باتجاه المرأة، غير أنها منشغلة عنه في تأمّل المشهد أمامهما.
الرسّام الفرنسي فيليكس فالوتون تخلى عن تدريبه الكلاسيكي والأكاديمي ليصبح احد الرسّامين ما بعد الانطباعيين. وكانت تحدوه، هو وزملاءه الآخرين، رغبة في رسم مَشاهد ذات تكثيف رمزي وروحي كبير.
في لوحته "ضوء القمر" التي رسمها عام 1895، يصوّر فالوتون القمر المتواري خلف الغيوم الكثيفة وكأنه يطفو مثل حلم.
كان آرثر دوف رسّاما تجريديا أمريكيا. وقد رسم لوحتين للقمر. في لوحته "أنا والقمر"، يرسم القمر بأشكال وألوان جريئة بينما تظهر السماء والأرض تحته.
كان دوف يفضّل العيش في الريف على حياة الصراع في المدينة. ولوحته هذه تعكس ارتباطه الفنّي والشعوري بالبياض الغامر للقمر المكتمل في ليلة من ليالي الصيف.
تعتقد بعض الثقافات أن القمر تحكمه آلهة كثيرة. لكن في الأساطير الإغريقية، فإن إلهة القمر الرئيسية هي آرتميس. وآرتميس كانت الشقيقة التوأم لـ ابولو إله الشمس. ومثل نظيرتها الرومانية "ديانا"، كانت آرتميس صيّادة بارعة.
الرسّامة الفرنسية ماري لورنسان رسمت بورتريها لـ آرتميس ركّزت فيه على عنصري الأنوثة والخصوبة عند الإلهة، من خلال المنحنيات والخطوط الناعمة والنباتات المزهرة. الألوان حسّاسة وذات طبيعة أرضية، وآرتميس نفسها تظهر شبه عارية.
ولدت لورنسان عام 1883 وعاشت شبابا بوهيميا في باريس. كما كانت صديقة لـ بيكاسو وجورج بارك ثم عشيقة للشاعر غيوم ابولينير.
وقد رسمت لورنسان هذا البورتريه عام 1908، أي أثناء علاقتها بـ ابولينير. ويشار إليها غالبا باعتبارها ملهمة ابولينير رغم أنها كانت، هي نفسها، فنانة.
وجه الشبه بين اسمي ابولو وابولينير قد يكون له أثر في اختيار لورنسان رسم آرتميس. وهناك احتمال بأنها كانت تشير إلى أنها لم تكن أقلّ قوّة وبراعة في الصيد من المرأة التي رسمتها.
اشتهر بعض الرسّامين ببراعتهم في رسم الطبيعة أو البورتريه أو الحياة الساكنة أو المناظر الانطباعية المملوءة بالضوء.
لكن هناك فنانين آخرين فضّلوا أن يرسموا المواضيع الخارقة والغريبة، كالوحوش ومصّاصي الدماء والأرواح الشرّيرة والسحر.. إلى آخره.
الرسّام الأمريكي جون كيدور عُرف بغرابة أطواره ونفوره من رسم المناظر الرعوية، على العكس من معظم معاصريه. وكانت صداقته مع الكاتب المشهور واشنطن ايرفنغ قد ألهمته رسم عدّة لوحات استمدّ مواضيعها من كتابات ايرفنغ. لوحة "الفارس المقطوع الرأس" مستوحاة، هي الأخرى، من إحدى روايات ايرفنغ التي تتحدّث عن معلّم مدرسة يأخذ طريقه إلى إحدى القرى ليجد نفسه في النهاية مطاردا من قبل شبح غاضب.
ويقال إن الفارس كان شبحا لجندي حقيقي شارك في حرب الثوّار وفقد رأسه بعد أن نسفته قذيفة مدفع. وعندما يرى الرجل شبح الفارس المقطوع الرأس وهو يقترب منه يفرّ هاربا من شدّة الخوف قبل أن يختفي. كيدور يمسك في اللوحة بالرجل المرعوب وبما يُفترض انه الرجل الذي يتعقّبه بالإضافة إلى الجوادين والغابة الكثيفة الأشجار في الخلفية.
كان جون ووترهاوس معروفا، شأنه شأن زملائه ما قبل الرافائيليين، بميله إلى رسم البطلات الأسطوريات أو النساء الجميلات اللاتي يحدّقن في كرات بلّورية.
ولم يكن مستغربا أن يرسم ووترهاوس في العام 1886 هذه اللوحة بعنوان "دائرة السحر".
في اللوحة نرى امرأة شابّة ذات ملامح غجرية وهي تقف أمام مرجل في ارض تبدو قديمة ونائية. المرأة ترسم حول نفسها دائرة في التراب لكي تعطي سحرها قوّة وتأثيرا بينما تتجمّع الغربان حولها. مما يلفت الانتباه أيضا أن المرأة حافية القدمين، ما يشير إلى ارتباطها بالأرض مثلما يوفّر لها المرجل أداة ارتباط بعنصر النار.
كن لوسيان دورمير رسّاما جزائريا قضى معظم حياته في فرنسا.
أسلوبه كان خاصّا ومميّزا. في لوحته "الساحرة" نرى امرأة شاحبة الوجه ترتدي قفازين أسودين وتحمل قنينة طويلة أمامها.
وعلى ضوء القمر في الخلفية تظهر خفافيش وطيور ليل، بينما تنزلق قريبا من ملابس المرأة أفعى زرقاء ويربض فوق كتفها قطّ اسود.
الرسّام النرويجي إدفارد مونك اشتهر بلوحته "الصرخة" التي صوّر فيها جحيم الإنسان المعاصر. ومنذ بداياته، كان مونك يعاني من اعتلال الصحّة والانفعالات الحادّة والاكتئاب والميل للانتحار، رغم انه خضع للعلاج في النهاية فأقلع عن الشراب وعاش حتى شهد الاحتفال بعيد ميلاده الثمانين.
في لوحته "مصّاص الدماء"، أو "الحبّ والألم" كما تُسمّى أحيانا، يركّز مونك على مفهوم الأنثى كمخلوق مصّاص للدماء.
في اللوحة امرأة تميل بجسدها فوق رجل يبدو عاجزا أو مسلوب الإرادة، بينما تقوم بعضّه في مؤخّرة رقبته. شعر المرأة الأحمر طويل وفضفاض يُخيّل لمن ينظر إليه انه يفيض ويقطر دما على كليهما. وهذا هو اللون الحيوي الوحيد في هذا المشهد الخانق والمظلم.
ورغم عدم وجود أنياب ظاهرة أو أيّ اثر تقليدي لمصّاصي الدماء في هذه اللوحة، فإن مونك - الذي كان آنذاك إنسانا متعبا ومعذّبا - أراد أن يعطي الانطباع بأن الحبّ يمكن أن يتحوّل في بعض الأحيان إلى عرض للرعب واللامعقول. "مترجم"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق