ليوناردو في فرنسا
قبل
خمسة قرون، بدأ فنّان ومبتكر إيطالي رحلة طولها 500 ميل مشيا على الأقدام
عبر جبال الألب قاصدا بلدة فرنسية صغيرة على شاطئ نهر اللوار.
كان يصحبه في تلك الرحلة بغله واثنان من أتباعه المخلصين وثلاث لوحات. وعندما توفي الفنان في فرنسا عام 1519، ترك اللوحات الثلاث في عهدة احد أتباعه.
وفي ما بعد، أصبحت تلك اللوحات مشهورة جدّا، وتحوّلت إحداها إلى أشهر لوحة في العالم في جميع العصور.
هذا الفنان كان ليوناردو دافنشي.
كان موت ليوناردو ودفنه في فرنسا، وقبل ذلك تقلّده منصب رسّام البلاط والفيلسوف والمعماري المقرّب من الملك فرانسوا الأول، كان كلّ ذلك يعني أن ليوناردو كان يُعامل من قبل الفرنسيين ولعدّة سنوات كمواطن فرنسي شَرَفي.
وبخلاف وجود اثنتين من لوحاته التي عبرت الألب على ظهر بغل في متحف اللوفر اليوم، فإن ارتباط ليوناردو بفرنسا أمر لا يكاد يتذكّره احد الآن خارج فرنسا.
ولهذا السبب قرّر الفرنسيون اعتبارا من هذه السنة تغيير هذا الواقع. فالقلعة التي عاش فيها ليوناردو في بلدة اومبوازAmboise على ضفاف اللوار لثلاث سنوات قبل وفاته، أصبحت اليوم "متحف دافنشي". وبدأ المتحف في اجتذاب العديد من الزوّار والمهتمّين. والهدف هو تشجيع السيّاح والطلاب والأكاديميين على كسر شيفرة دافنشي الحقيقية: غموض لوحاته المحيّر وتنوّع وتعدّد اهتماماته.
لم يكن ليوناردو رسّاما فحسب. ربّما كان أعظم الرسّامين في جميع الأزمنة. لكنه كان بنفس الوقت شاعرا وموسيقيا وفيلسوفا ومهندسا وبنّاءً وعالما وخبيرا في التشريح ومخترعا وعالم نبات. وقد حاول في حياته فعل الكثير لكنه لم يكمل سوى القليل نسبيا.
ويحدو القائمين على المشروع الأمل في أن يصبح المتحف أفضل مكان يستطيع من خلاله الناس أن يدرسوا ويستمتعوا بإنجازات الفنان الذي يوصف عادة بأنه أعظم عقل عرفته البشرية، وأن يصبح المتحف أهم موقع في أوربّا لاكتشاف كلّ ما يتعلق بعصر النهضة، من الموسيقى إلى العلوم ومن ليوناردو إلى مايكل انجيلو إلى شكسبير.
تقول الأسطورة إن ليوناردو مات في سريره بين ذراعي الملك فرانسوا الأول الذي كان معجبا به كثيرا وكان يعتبره فيلسوفه ورسّامه الخاص وكان يناديه دائما بـ "يا والدي".
غير أن هناك رأيا آخر يقول إن الملك الفرنسي كان بعيدا عن القلعة عندما حضر ليوناردو الموت.
لكن هذا لم يمنع سيزار موسيني من رسم لوحة يظهر فيها دافنشي في لحظاته الأخيرة وقد أحاط به الملك وبعض أفراد حاشيته وأصدقاء الفنان.
يشير دونالد ساسون مؤلف كتاب "الموناليزا: تاريخ لأشهر لوحة في العالم" إلى أن دافنشي كان قد فقد الكثير من وهجه وأهمّيته في بلده الأصلي ايطاليا بحلول العام 1516م.
وكان الملك فرانسوا الأول قد حاول عبثا إقناع فنانين ايطاليين آخرين مثل مايكل انجيلو بأن يأتوا إلى فرنسا ويقيموا فيها بشكل دائم. وعلى غرار ما يفعله لاعبو الكرة هذه الأيام عندما يتقدّم بهم العمر فيسافرون إلى الخارج للحصول على عقود مربحة، سافر ليوناردو إلى فرنسا لأنه كان اكبر رسّام يمكن للملك الفرنسي أن يظفر به.
وعند وصوله عومل معاملة ملوكية ومُنح راتبا سنويا قدره 700 كراون من الذهب وخُصّصت له إحدى القلاع الفخمة كمكان يمكن له فيه أن يفكّر ويعمل ويحلم.
كانت القلعة التي اختيرت لسُكنى دافنشي تشي بالفخامة وتتميّز بغرفها الكثيرة وأرضيّاتها الجميلة. وكانت تقع على مرمى حجر من قصر الملك. وكان بالإمكان رؤية القصر من نوافذ القلعة التي تحيط بها القصور والقلاع الفارهة. ولم يكن المكان نفسه بعيدا عن منطقة اشتهرت سياحيا بكهوفها القديمة المبنية على قاعدة أحد الجبال الصخرية.
وكان من عادة الملك أن يزور الفنان عبر ممرّ تحت الأرض كان يربط بيته الصغير بقصره الأكبر الواقع على بعد 500 متر.
وقد بوشر الآن في تحويل غرفة نوم ليوناردو إلى حالتها التي كانت عليها في العام 1519م.
ولا يبدو المنظر حول القلعة مختلفا كثيرا عمّا رسمه ليوناردو للمكان في العام 1517، وهو الاسكتش الذي يوجد اليوم ضمن مجموعة ملكة بريطانيا في قصر ويندسور.
وفي الطابق السفلي من القلعة – المتحف، يمكن للزوّار رؤية عدد من الآلات التي اخترعها دافنشي ومن ضمنها طائرة ودرّاجة هوائية ودبّابة وجسر متحرّك وماكينة طائرة وباراشوت.
كما تمّ تحويل جزء من الأرضية إلى "حديقة ليوناردو" والتي تحتوي على أكثر من 300 نوع من النباتات التي كتب عنها ورسمها في لوحاته.
وبالإضافة إلى هذا، سيضمّ المتحف في غضون السنتين القادمتين غاليري يتضمّن نسخا من 17 من لوحاته الباقية.
كما سيتمّ إعادة غرفة الرسم أو المحترف إلى حالتها التي كانت عليها في القرن السادس عشر.
في هذه الغرفة رسم ليوناردو وطوّر ابتكاراته. ويُعتقد أن الغرفة هي نفسها التي ظلت الموناليزا مركونة في إحدى زواياها طوال ثلاث سنوات حيث كان الفنان يعدّل فيها من وقت لآخر لكن دون أن يحقّق ذلك الكمال والرضا الذي كان ينشده.
كان يصحبه في تلك الرحلة بغله واثنان من أتباعه المخلصين وثلاث لوحات. وعندما توفي الفنان في فرنسا عام 1519، ترك اللوحات الثلاث في عهدة احد أتباعه.
وفي ما بعد، أصبحت تلك اللوحات مشهورة جدّا، وتحوّلت إحداها إلى أشهر لوحة في العالم في جميع العصور.
هذا الفنان كان ليوناردو دافنشي.
كان موت ليوناردو ودفنه في فرنسا، وقبل ذلك تقلّده منصب رسّام البلاط والفيلسوف والمعماري المقرّب من الملك فرانسوا الأول، كان كلّ ذلك يعني أن ليوناردو كان يُعامل من قبل الفرنسيين ولعدّة سنوات كمواطن فرنسي شَرَفي.
وبخلاف وجود اثنتين من لوحاته التي عبرت الألب على ظهر بغل في متحف اللوفر اليوم، فإن ارتباط ليوناردو بفرنسا أمر لا يكاد يتذكّره احد الآن خارج فرنسا.
ولهذا السبب قرّر الفرنسيون اعتبارا من هذه السنة تغيير هذا الواقع. فالقلعة التي عاش فيها ليوناردو في بلدة اومبوازAmboise على ضفاف اللوار لثلاث سنوات قبل وفاته، أصبحت اليوم "متحف دافنشي". وبدأ المتحف في اجتذاب العديد من الزوّار والمهتمّين. والهدف هو تشجيع السيّاح والطلاب والأكاديميين على كسر شيفرة دافنشي الحقيقية: غموض لوحاته المحيّر وتنوّع وتعدّد اهتماماته.
لم يكن ليوناردو رسّاما فحسب. ربّما كان أعظم الرسّامين في جميع الأزمنة. لكنه كان بنفس الوقت شاعرا وموسيقيا وفيلسوفا ومهندسا وبنّاءً وعالما وخبيرا في التشريح ومخترعا وعالم نبات. وقد حاول في حياته فعل الكثير لكنه لم يكمل سوى القليل نسبيا.
ويحدو القائمين على المشروع الأمل في أن يصبح المتحف أفضل مكان يستطيع من خلاله الناس أن يدرسوا ويستمتعوا بإنجازات الفنان الذي يوصف عادة بأنه أعظم عقل عرفته البشرية، وأن يصبح المتحف أهم موقع في أوربّا لاكتشاف كلّ ما يتعلق بعصر النهضة، من الموسيقى إلى العلوم ومن ليوناردو إلى مايكل انجيلو إلى شكسبير.
تقول الأسطورة إن ليوناردو مات في سريره بين ذراعي الملك فرانسوا الأول الذي كان معجبا به كثيرا وكان يعتبره فيلسوفه ورسّامه الخاص وكان يناديه دائما بـ "يا والدي".
غير أن هناك رأيا آخر يقول إن الملك الفرنسي كان بعيدا عن القلعة عندما حضر ليوناردو الموت.
لكن هذا لم يمنع سيزار موسيني من رسم لوحة يظهر فيها دافنشي في لحظاته الأخيرة وقد أحاط به الملك وبعض أفراد حاشيته وأصدقاء الفنان.
يشير دونالد ساسون مؤلف كتاب "الموناليزا: تاريخ لأشهر لوحة في العالم" إلى أن دافنشي كان قد فقد الكثير من وهجه وأهمّيته في بلده الأصلي ايطاليا بحلول العام 1516م.
وكان الملك فرانسوا الأول قد حاول عبثا إقناع فنانين ايطاليين آخرين مثل مايكل انجيلو بأن يأتوا إلى فرنسا ويقيموا فيها بشكل دائم. وعلى غرار ما يفعله لاعبو الكرة هذه الأيام عندما يتقدّم بهم العمر فيسافرون إلى الخارج للحصول على عقود مربحة، سافر ليوناردو إلى فرنسا لأنه كان اكبر رسّام يمكن للملك الفرنسي أن يظفر به.
وعند وصوله عومل معاملة ملوكية ومُنح راتبا سنويا قدره 700 كراون من الذهب وخُصّصت له إحدى القلاع الفخمة كمكان يمكن له فيه أن يفكّر ويعمل ويحلم.
كانت القلعة التي اختيرت لسُكنى دافنشي تشي بالفخامة وتتميّز بغرفها الكثيرة وأرضيّاتها الجميلة. وكانت تقع على مرمى حجر من قصر الملك. وكان بالإمكان رؤية القصر من نوافذ القلعة التي تحيط بها القصور والقلاع الفارهة. ولم يكن المكان نفسه بعيدا عن منطقة اشتهرت سياحيا بكهوفها القديمة المبنية على قاعدة أحد الجبال الصخرية.
وكان من عادة الملك أن يزور الفنان عبر ممرّ تحت الأرض كان يربط بيته الصغير بقصره الأكبر الواقع على بعد 500 متر.
وقد بوشر الآن في تحويل غرفة نوم ليوناردو إلى حالتها التي كانت عليها في العام 1519م.
ولا يبدو المنظر حول القلعة مختلفا كثيرا عمّا رسمه ليوناردو للمكان في العام 1517، وهو الاسكتش الذي يوجد اليوم ضمن مجموعة ملكة بريطانيا في قصر ويندسور.
وفي الطابق السفلي من القلعة – المتحف، يمكن للزوّار رؤية عدد من الآلات التي اخترعها دافنشي ومن ضمنها طائرة ودرّاجة هوائية ودبّابة وجسر متحرّك وماكينة طائرة وباراشوت.
كما تمّ تحويل جزء من الأرضية إلى "حديقة ليوناردو" والتي تحتوي على أكثر من 300 نوع من النباتات التي كتب عنها ورسمها في لوحاته.
وبالإضافة إلى هذا، سيضمّ المتحف في غضون السنتين القادمتين غاليري يتضمّن نسخا من 17 من لوحاته الباقية.
كما سيتمّ إعادة غرفة الرسم أو المحترف إلى حالتها التي كانت عليها في القرن السادس عشر.
في هذه الغرفة رسم ليوناردو وطوّر ابتكاراته. ويُعتقد أن الغرفة هي نفسها التي ظلت الموناليزا مركونة في إحدى زواياها طوال ثلاث سنوات حيث كان الفنان يعدّل فيها من وقت لآخر لكن دون أن يحقّق ذلك الكمال والرضا الذي كان ينشده.
المعروف أن مايكل انجيلو رسم سقف كنيسة سيستين في أربع سنوات، وهي نفس المدّة التي استهلكها ليوناردو في رسم الموناليزا. ويشير النقاد إلى أن هناك مهندسين وعلماء ايطاليين آخرين رسموا هم أيضا صورا لآلات طائرة ومعدّات حربية في بدايات القرن السادس عشر.
يقول احد النقاد: من المؤكّد أن ليوناردو كان شخصا مثيرا للجدل في زمانه. كان الناس يعتبرونه رسّاما عظيما وكانوا يأخذون عليه انه يرسم قليلا وعلى فترات متباعدة. كما كان يضيّع وقته في عمل الكثير من الأشياء في وقت واحد.
ومن المسلّم به أن بعض أفكاره الميكانيكية لم تثمر عن أيّ نتيجة خلال حياته.
غير أن هذا لا يعني انه لم يكن شخصا عبقريا. كان عقله مشغولا دائما باللانهائية. وبالنسبة له، فإن إنجاز الأشياء حتى اكتمالها كان اقلّ أهميّة من تجربة المزيد من الاكتشافات والأساليب الفنية. وما من شكّ في أن ليوناردو، من خلال الرسم والتشريح والمعمار والهندسة، تمكّن من وضع الكثير من العلامات التي مهّدت الطريق نحو العالم الذي نعرفه اليوم.
قبل مجيئه إلى فرنسا، كان من عادة ليوناردو أن يقضي وقتا في التلال خارج فلورنسا مراقبا الطيور ودارسا حركة طيرانها. كان وقتها يفكّر في تطوير أجنحة يمكن أن تساعد الإنسان على الطيران.
ومن خلال أعماله وما كُتب في سِيَر حياته الكثيرة، يبدو ليوناردو إنسانا يتمتّع بدرجة عالية من الاستقامة وكان حسّاسا كثيرا تجاه مسائل الدين والأخلاق.
كما كان محافظا باستمرار على سرّية حياته الخاصّة. وليس هناك ما يدلّ على انه كان مرتبطا بنساء أو انه أقام علاقات وثيقة مع نساء معيّنات. لكن عُرف عنه في جميع مراحل حياته انه كان يحيط نفسه بأشخاص يتصفون بالوسامة وجمال الخلقة. كان هو نفسه على درجة عالية من الوسامة والجاذبية، بحسب الكثير من المصادر. ولوحاته بشكل عام تعكس تقديره الكبير للجمال وخاصّة الذكوري، ما أفسح المجال للحديث عن ميول مثلية مزعومة لديه.
وقد عرف ليوناردو أصدقاء أصبحوا مشهورين في ما بعد مثل نيكولو ميكيافيللي وسيزار بورجيا. وكان نباتيا معظم فترات حياته. وكثيرا ما كان يشتري الطيور، لا ليحتفظ بها وإنما ليطلق سراحها.
المعروف أن ليوناردو كان ثمرة علاقة غير شرعية بين أبيه المحامي وأمّه التي كانت تنتمي إلى عائلة فلاحية. ويقال إن أصول والدته تعود إلى الشرق الأوسط وأنها كانت خادمة مملوكة لأبيه. لكن ليس هناك ما يسند هذه النظرية.
خلال سنوات إقامته في فرنسا كان يُعهد إلى دافنشي بمهام تزيين الاحتفالات ومشاريع حفر القنوات المائية. وتدلّ بعض رسوماته وملاحظاته التي تعود لتلك الفترة إلى أن اهتمامه لم يتوقّف بالعلوم التجريبية والفلسفة الطبيعية.
توفّي ليوناردو دافنشي يوم الثاني من مايو عام 1519 عن 67 عاما. في ذلك الوقت، لم تكن صحّته على ما يرام، إذ كان يعاني من شلل في جنبه الأيمن. وكان قد أوصى قبيل وفاته بأن تؤول جميع كتبه ولوحاته ورسوماته إلى تلميذه ورفيق عمره فرانشيسكو ميلتزي وأن يكون معطفه من نصيب خادمته التي اهتمّت به وقامت على خدمته طيلة إقامته في القلعة.
وبعد وفاته، تمّت مواراة جثمانه الثرى داخل كنيسة القلعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق