الأحد، يونيو 10، 2012

ذاكرة غانياتي الجميلات غابرييل غارسيا ماركيز



ذاكرة غانياتي الحزينات


الروائي الكولمبي الشهير : غابرييل غارسيا ماركيز يقدّمها لنا إلى العربية أ. صالح علماني بترجمته الجميلة وأسلوبه الرائع الذي عوّدنا عليه وملخّص الرواية :
قصة صحفي في التسعين من عمره يرغب في عيد مولده أن يهدي لنفسه ليلة حب حميمة مع مراهقة عذراء .. ولكن ما يحصل بعد أحداث ٍ عديدة في الرواية أنّه .. يقع في حبّ الطفلة ويكتفي بمراقبتها وهي نائمة .. ويتنازل لها في النهاية عن كل ما يملك لكن هذه الفتاة استبيحت عذريتها من أحدهم .‏
إذا أردنا أن نتحدث عن الرواية :‏
1ـ نلمح خيوط ثقافة مثل استعانة الكاتب بقول شيشرون « لا وجود لمسنّ ينسى أين خبّأ كنزه »‏
2ـ والتفاصيل السردية عند ماركيز ـ كما عوّدنا في رواياته محكمة البناء . فلمّا يتحدّث عن شيخوخته يذكر كيف شعر بالشيخوخة في سن الثانية والأربعين لما أصابه ضيق تنفّس .. ثم كان إدراكه الشيخوخة في الخمسين نتيجة حالة النسيان التي عصفت بذاكرته ..‏
3ـ يدخل تفاصيل حياته في تفاصيل العالم دون أن يدمجها ودون أن يفصلها حدّ التّنافر غير المحبّذ مثلاً :‏
« لما يتحدّث عن السبب في إبعاد عموده الاسبوعي إلى صفحة أخرى وهو الاندفاع الأهوج في القرن العشرين »‏
4ـ النزعة الإيروسية التي تعدّ إحدى سمات أدب ماركيز نجدها .. لمّا يعنى .. بذكر عدد النسوة اللواتي مارس الحب معهن حتى الخمسين من عمره وعددهن 514 امرأة وهو أمر غريب في مجتمعنا ولكنه أمر عادي في المجتمعات الغربية.‏
5- العزلة والوحدة وهذا أيضا نجده في رواياته السابقة مثل قوله (اننا وحيدان في العالم ياطفلتي) وجوع ماركيز إلى الحنان يفسره اهتمامه بالهر الذي أهدي له ليلة ميلاده.‏
6- دقة الوصف : لما يصف مكتبته (الورق إلى يسارها الحبر إلى يمينها.... وغير ذلك .‏
7-الحكمة المستقاة : من عباراته ( ليست السن هي مابلغه احدنا من العمر بل مايشعر به).‏
(الشهرة سيدة بدينة جداً لاتنام مع المرء ولكن حين يستيقظ يجدها تنظر اليه قبالة السرير )‏
8- لغة مارليز تنساب بدفء ... لتشق طريقها إلى قلب القارىء بسلاسة (منذ ذلك الحين صارت موجودة في ذاكرتي بوضوح يمكنني معه أن أفعل بها ما أشاء ابدل لون عينيها حسب حالتي المعنوية , لون الماء عند الاستيقاظ , لون قطر القصب حين تضحك , لون الضوء عندما اعارضها ).‏
9- الواقعية السحرية : عندما يحدثنا عن استجابته لرغبة أمه بتزويجه ... وبعد أن أعجب بفتاة , وليلة زفافه ... يحصل شيء ... بعيد عن الواقع , وهو أن الخوري ألبس جميع العاملات الاناث طرحات زفاف وكان عددهن (22) عاملة أقسمن على الطاعة والحب واجابهن بقسم الوفاء والاعالة إلى مابعد القبر .‏
هذه الحادثة ... يستحيل حصولها ... ولكنها أدخلت إلى الرواية ... من باب الخروج الجميل الخارج عن المألوف ويشير إلى ادراك قيمة الاشياء بعد فوات الاوان .‏
فالمرأة التي احبته منذ اثنين وعشرين عاماً ولم تتزوج هذه المرأة احتفلت بعيد ميلاده .... فزرعت أرجاء المنزل بورود حمراء ... واعترفت له بحبها الكبير فشعر بالالم اتجاه ماحصل .‏
كما يعمل ماركيز على تكريس القيم( إنني دقيق في مواعيدي لمجرد إلا يعرف مدى استهانتي بوقت الآخرين) .‏
ويعزي ماركيز المجتمع من حال الفوضى فيفضح الرؤوس الكبيرة التي تمارس العهر في البيوت السرية ويفسر ذلك قصة المصرفي الكبير الذي قتل في إحدى هذه البيوت ويرد الخبر بالجريدة على أنه اعتداء عليه من قبل قطاع طرق ليبراليين .‏
وفي هذه الرواية يقول ماركيز: أن الحب قد يتأخر كثيراً حتى يصل وهذا ماحصل معه حين أحب الطفلة ابنة الاربعة عشر عاماً وهو في التسعين فيعود لقراءة القصص الرومانسية .... التي كان يكرهها في صباه . وبعد هكذا حالة حب تباع مقالاته مثل السجائر المهربة ولاسيما المقالات التي تلت عيد ميلاد الفتاة الخامس عشر .‏
أخيراً , نقول عبر هذه النافذة : حقاً , أن رواية ماركيز « ذاكرة غانياتي الحزينات » رواية جميلة , ولكن اذا قارناها ب(الحب في زمن الكوليرا ) او (مئة عام من العزلة) فنجد انه لامجال للمقارنة .‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق