السبت، يونيو 16، 2012

من مذكرات شارلي شابلن

شارلي شابلن صاحب مقولة
اليوم الذي لا اضحك فيه هو اليوم الذي لا يحسب من حياتي
ذكـــر هذا الـــمسرحي الـــشهير شـــابلن فـــي مــذكراته قــصة عــن صـــديق لــه كـــان لـــديه مـــصنع زاره فـــيه ،
فـــوجده يـــضع عــلى مــكتبه صــورة كـــبيرة فــي اطـــار ثــمين لـــرجل تـــدل هيـــئته عـــلى الـــقسوة والـــغطرسة !
فــسأله :هـــل هـــذا والـــدك ؟
فــأجابه : لا .. إنــه صــاحب الـــمصنع الــمنافس لـــي !
وقـــد بــدأت حــياتي الـــعملية مـــوظفا عــنده فـــأذاقني الـــمر
وأنـــا احــتفظ بــصورته أمـــامي لــتذكرني إذا تــكاسلت بــأنني ســأعود إلــى الــعمل عـــنده.!





سعاد سليمان تترجم مذكراته 
 وأصبح يستقبل كالملوك والأباطرة في كل مكان يحل به ، ومع الكاتب الصحفي الراحل صلاح حافظ ، الذي قام بترجمة هذه المذكرات إلي العربية نتواصل مع شارلي شابلن فيقول : وبعد عدة استفهامات وجدت نفسي أمام استديو كيستون ، وكان مكانا خربا يحيط به سور مربع أخضر طول ضلعه خمسون متراً ، أما المدخل فيقود إليه ممر للحديقة من خلال ممر خشبي قديم ، وفي بادئ الأمر لم أستطع الدخول إذ يسيطر علي الخجل فجأة فأنزوي بسرعة في أحد أركان مقهى بعيد علي مسافة كافية ، ومضيت أتطلع علني أرى مستر سينيت خارجا من الكشك الخشبي ولكنه لم يظهر ، فبقيت نصف ساعة ثم قررت العودة إلي الفندق ، وظللت يومين أذهب إلي الاستوديو ثم لا أجد في نفسي الشجاعة للدخول ، في اليوم الثالث اتصل بي مستر سينيت تليفونيا يسألني لماذا لم أحضر ؟ فادعيت له عذرا ما، فقال تعال حالا .. سنكون في انتظارك ، فذهبت واقتحمت الكشك الخشبي بجرأة طالبا مقابلته، وبعد أن قدمني سينيت إلي بعض الممثلين ، بدأت انتبه لما يجري حولي ، كانت هناك ثلاثة مناظر مقامة جنبا إلي جنب ، تعمل فيها ثلاث شركات مختلفة ، فكانت مشاهدتها أقرب إلي مشاهدة معرض دولي ، وفي أحد هذه المناظر كانت " سابل نورماند" تقرع بابا وهي تصرخ دعني أدخل ، ثم توقفت الكاميرا وانتهت المسألة ، وما كانت لدي قبل ذلك أدني فكرة من أن الأفلام تصنع هكذا جزءاً فجزءاً ، وفي منظر آخر كان فورد سترلنج العظيم الذي جئت كي أحل محله ، فقدمني إليه مستر سينيت ، وكان فورد سينفصل عن شركة كيستون لكي يؤسس شركته الخاصة مع يونيفرسال ، وكان محبوبا جدا من الجماهير ، ومن جانب كل من في الاستوديو ، وأنتحي بي المستر سينيت جانبا ، وراح يشرح لي أسلوبهم في العمل قائلا : إننا لا نكتب أي سيناريو ، وإنما نبدأ بفكرة ثم نتبع التطور الطبيعي للأحداث إلي أن تقودنا إلي مطاردة وهي جوهر كل كوميدياتنا ، كانت هذه الطريقة تنمي الخيال ، ولكنني كنت شخصا أكره المطاردة ، لأن فيها تضيع ملامح الشخصية وأنا علي قلة معرفتي عندئذ بالأفلام ، كنت أومن بأنه لاشيء يفوق الشخصية ، ومضيت في ذلك اليوم انتقل من منظر إلي آخر أراقب الفرق أثناء عملها فبدا لي أنهم جميعا يقلدون فورد سترلنج وأقلقني ذلك لأن أسلوبه لم يكن يلائمني ، ومضت الأيام بعد ذلك وأنا لا أفعل غير التجول في الاستوديو وأتساءل في قلق متي سأبدأ العمل . وصارت راحة بالي تتوقف علي سينيت فإذا رآني بالصدفة وابتسم تصاعدت أمالي ، وكان هنري ليرمان المخرج الأول في شركة كيستون بعد سينيت سيبدأ تصوير فيلم جديد ويريدني أن أمثل دور مخبر صحفي ولم تكن لدينا قصة ، فالفيلم كان مفروضا أن يكون تسجيليا عن مطابع الصحف ، محلى ببعض اللمسات الكوميدية . ولكني عندما رأيت الفيلم في صورته النهائية أحسست بقلبي يتمزق ، إذ وجدت أن المونتير قد ذبحه وغير معالمه منتزعا منه كافة تصرفاتي المضحكة ، وبعد سنوات من هذه الحادثة اعترف ليرمان بأنه فعل ذلك عمدا لأنه على حد تعبيره رأى أنني اعرف أكثر مما يجب . وأخيرا جاء أول دور حقيقي لي في السينما إذ مر بي قائلا ضع أي ماكياج مضحك ، أي شيء يخطر على بالك ، ولم تكن لدي عندئذ أدني فكرة عن صورة الماكياج الذي يحسن وضعه ، ولم أكن مرتاحا إلي الصورة التي ظهرت بها كمخبر صحفي ، علي أنني في طريقي إلي غرفة الملابس خطر ببالي أن ارتدي بنطلونا منتفخا وحذاء ضخما وعصا وقبعة ، وفكرت أن يكون كل من هذه الأشياء مناقضا للآخر ، وترددت في البداية هل أبدو صغيراً أم كبيراً في السن ، ولكنني عندما تذكرت أن سينيت كان يتوقع أن أكون أكبر مما أنا أضفت إلى وجهي شارباً صغيراً راعيت أن يزيد من سني دون أن يخفي تعبيرات وجهي . لم تكن لدي أيضا أدني فكرة عن الشخصية التي سأظهر بها ، ولكني في اللحظة التي فرغت فيها من إعداد نفسي أوحت لي الثياب والماكياج بطبيعة هذا الشخص الذي سأمثله ، وبدأت أعرفه ، وما كدت أصل إلي البلاتوه حتي كان قد ولد ، فلما واجهت سينيت تقمصت الشخصية ، ومضيت أمشي متخايلا وعصاي تتأرجح في يدي عارضا نفسي أمامه ، بينما رأسي تتزاحم وتتدفق التصرفات والأفكار المضحكة . أما عن شخصية الصعلوك التي ابتكرتها فهو رجل ذو جوانب متعددة ، فهو أفاق ومهذب وشاعر وحالم ، كما أنه وحيد في الحياة ، ويأمل أن يحب ويغامر ، وهو يستطيع الإيهام بأنه عالم أو موسيقي أو دوق أو لاعب بولو ، ومع ذلك فهو لا يتعفف عن التقاط أعقاب السجائر أو خطف الحلوى من الأطفال ، وكانت هذه الشخصية مختلفة تماما ، وغير مألوفة عند المتفرج الأمريكي بل وعندي شخصيا ، ولكنني في ملابس التمثيل كنت أشعر أنها حقيقية ، والواقع أن هذا الشخص كان يستثير عندي كافة ألوان الأفكار الخرقاء التي ما كانت تخطر على بالي إلا بعد أن أرتدي ملابس وماكياج الصعلوك . وهكذا نما في نفسي الاعتقاد بأنني أملك موهبة الخلق وأستطيع أن أكتب قصصي بنفسي. أصبح عدد الأفلام التي مثلتها خمسة وتمكنت في بعضها أن أحشو من عندي لمحة أو لمحتين من التصرفات الكوميدية بالرغم من الجزارين المتربصين في معمل التقطيع " المونتاج " ، ولما كنت قد ألفت أسلوبهم في القطع ، فقد اعتدت أن ابتكر تصرفات وحيلا كوميدية تصاحب دخولي إلى المنظر وخروجي منه ، عالما من أنهم لن يتمكنوا من بترها ، وانتهزت كل الفرص الممكنة لأتعلم أسرار المهنة ، وصرت دائم التردد على المعامل وغرف المونتاج لأراقب المونتير وهو يلصق الأجزاء بعضها ببعض ، ثم بدأت أتلهف على كتابة وإخراج أفلامي بنفسي ولكن سينيت رفض. كان متوسط النسخ التي يوزعها أي من أفلام كيستون في ذلك الوقت عشرين نسخة ، ولكن فيلمي الأخير وهو رابع فيلم لي وصلت عدد نسخه خمسا وأربعين نسخة ، ومازال الطلب يتزايد وكان هذا سر تودد سينيت لي . ولكني عندما شرعت في إخراج أول أفلامي لم أكن واثقا من نفسي بالقدر الذي كنت أظن ، بل قد داهمتني نوبة من الذعر ، ثم شعرت ببعض الاطمئنان بعد أن أطلع سينيت علي عمل اليوم الأول وكان اسم الفيلم سجين المطر ، ولم يكن تحفة عالمية ولكنه كان مضحكا وناجحا إلي حد كبير. والآن صارت عندي ثقة بالغة في أفكاري ، وأعتقد أنني مدين بذلك إلي سينيت ، فمع أنه كان مثلي غير مثقف فإنه زرع في نفسي الإيمان . كنا في عام 1914 ، وأنا في الخامسة والعشرين من عمري متفجرا بالشباب والحيوية ، مغرما بعملي إلى حد العشق لا لمجرد النجاح ولكن لما فيه من سحر وبما يتيحه لي من معرفة جميع نجوم السينما الذين كنت من أشد المعجبين بهم " ماري بيكفورد ، بلانش سويت ، مريام كوبر كلارا كمبال يونح ، أخوات جيس " وكن جميعا جميلات ومقابلتهن وجها لوجه تشعر الإنسان بأنه في الجنة . أصبحت الآن أملك عدداً كبيراً من الأفلام الناجحة من بينها " عشرون دقيقة من الحب ، الديناميت ، فصول مضحكة ، مساعد المسرح " وغيرها ، وفي هذا الوقت طلب سينيت أن يتحدث في مسألة تجديد عقدي وطلب أن يعرف شروطي ، وكنت أعرف إلى أي حد وصلت شهرتي ولكني أعرف أيضا أنها قد لا تدوم ، فكان علي أن أحصد الثمار قبل أن تغيب الشمس ، فطلبت 2000 دولار في الأسبوع وذهل سينيت وقال أنا نفسي لا أحصل على هذا المبلغ ، فقلت له أعلم ذلك ولكن طوابير الناس لا تقف أمام شباك التذاكر عندما يظهر اسمك كما تقف عندما يظهر اسمي. بقي شهر واحد علي انتهاء عقدي مع كيستون دون أن تتقدم شركة أخرى بأي عرض فبدأت أقلق ، ولكني لم أفقد ثقتي بنفسي ، وفكرت في إنتاج أفلامي بنفسي ، واستعنت بسيدني الذي التحق بالعمل في نفس الشركة وكان قد أخرج عدة أفلام ناجحة ، ثم انتقلت للعمل في استديو نايلز ولكن المعدات لم تكن مرضية ولم أشعر بالاستقرار ولا بالرضي فطلبت الانتقال إلى لوس أنجلوس . وصل رصيدي حتي الآن 20 فيلما وعدة ملايين من الدولارات لدرجة لم أعرف عددها فقد قام عني سيدني بهذه المهمة ، حاولت ذات مرة أن أتأكد من مدي ثرائي فتجولت في شورا ع " بيفرلي هيلز " وأعجبتني سيارة لم تكن بالفذة وسألت البائع كم ثمنها فقال عشرون ألف دولار فقلت له " لفها لي " وبدأت أستقبل كالأباطرة في كل مكان أحل به ، ومن مدينة كانساس إلي شيكاغو ، ظهر الناس ككل مرة وكل مكان أمر به محتشدين عند المزلقانات وفي الحقول يلوحون للقطار الذي يقلني وهو يمر بهم ، وأردت أن أستمتع بهذا كله علي سجيتي ، ولكنني شغلت طوال الوقت بفكرة أن العالم لابد قد أصابه الجنون ، فإذا كان عدد الكوميدنات الهزلية يمكن أن يثير كل هذه الضجة ، أليس معني ذلك أن هناك شيئا من الزيف في كل ما هو شهرة ؟ لقد كنت دائما أتصور أنني سأستمتع بانتباه الجماهير ، ولكن ها هو ذلك الانتباه علي العكس يعزلني عنها ، ويفرض علي إحساسا بالاكتئاب والوحدة . كنت في لهفة بعد انتهاء عقدي مع شركة "ليوتوالي " إلي بدء العمل مع شركة فرست ناشونال ، ولم يكن لدينا استديو ، فقررت أن أشتري أرضا في هوليوود وأبني لنفسي واحدا ، وكان بيت جميل من عشر غرف وخمسة أفدنة من أشجار الليمون والبرتقال والخوخ وبنينا فيه وحدة نموذجية كاملة بما يتبعها من معامل للتحميض والإنتاج ومكاتب للإدارة . قبل مغادرتي لوس انجلوس من أجل حملة سندات الحرب الثالثة ، حدث أنني قابلت" ماري دورو" وكانت قد جاءت إلي هوليوود لتلعب ادوار البطولة في أفلام بارامونت ، وكانت عندئذ من معجبات شابلن حتي أنها قالت " لكونستانس كولير" أن الشخص الوحيد الذي تريد أن تراه في هوليوود هو شارلي شابلن ، دون أن يخطر ببالها أنني سبق أن مثلت معها في لندن في مسرح روق يورك . وعن زواجه وعلاقاته العاطفية يقول شابلن ، تزوجت أول امرأة قال عنها خادمي أنها جميلة ولم ألحظ ذلك ، كانت أحاسيس مختلطة ، وكنت أشعر أنني سقطت في شباك نسجتها ظروف هوجاء لا مبرر لها ، رباط ليس له أساس من الضرورة ، غير أنني كنت قبل ذلك أحن دائما إلي أن تكون لي زوجة ، "وميلوريد " كانت شابة وجميلة لم تكد تبلغ التاسعة عشرة ، وأنتهي هذا الزواج الغريب بالطلاق . انتقلت أمي للعيش معي وظلت لمد عامين مستمتعة بصحتها ، ولكنني وأنا مشغول بإخراج فيلم " السيرك " تلقيت رسالة تنبئني بمرضها ، وأنذرنني الأطباء بأن نكستها قد تكون خطيرة ، وعندما وصلت إلي المستشفي كانت في شبه غيبوبة بسب دواء أعطوه لها بقصد تخفيف الألم وهمست لها برفق ، أمي هاأنذا شارلي ، ثم تناولت يدها بين يدي فاستجابت في ضعف ضاغطة عليهما ، وفي اليوم التالي أبلغت أنها ماتت وكنت قد تهيأت لهذا النبأ ، حتي بعد الموت كان تعبير وجهها يبدو مهموما ، كما لو كانت تتوقع مزيدا من الألم . تزوجت للمرة الثانية أثناء قيامي بتصوير فيلم " البحث عن الذهب " وحاولت السير بسفينة الحياة ولكن انتهت القصة مخلفة ورءاها كثيرا من المرارة ، الزيجة الثالثة والأخيرة كانت بعيدة عن توقعي نظرا لفارق السن بيننا كنت أكبر منها بثلاثين عاما ، وبدأ تعارفنا لرغبتها في التمثيل ولكنها بعد زواجنا تخلت عن الفكرة وعن الجنسية الأمريكية نظرا لما عانيته من الأمريكان الذين أتهمونني بالشيوعية وبالخيانة، وبالهجوم المتواصل لدرجة أنني كرهت الحصول علي الجنسية الأمريكية وكان هذا ما زاد من حربهم المستمرة ضدي ، هذا وقد أنجبنا أنا وأونا أونيل خمسة أبناء هم أجمل ما في حياتنا وهي بالمناسبة ابنة الكاتب المسرحي الكبير يوجين أونيل .هذا وقبل أن أختم هذه المذكرات أسجل هنا أنني اكتشفت أن هتلر كان يقلدني وانظروا إلي شاربه للتأكد من ذلك . في الجزء الأخير من مذكرات شابلن .. هتلر كان يقلدني وانظروا إلى شاربه سعاد سليمان 11/07/2008 05:03:00 ص GMT نكمل في الجزء الأخير من مذكرات شارلي شابلن كيف وصل إلي قمة المجد ، وأصبح يستقبل كالملوك والأباطرة في كل مكان يحل به ، ومع الكاتب الصحفي الراحل صلاح حافظ ، الذي قام بترجمة هذه المذكرات إلي العربية نتواصل مع شارلي شابلن فيقول : وبعد عدة استفهامات وجدت نفسي أمام استديو كيستون ، وكان مكانا خربا يحيط به سور مربع أخضر طول ضلعه خمسون متراً ، أما المدخل فيقود إليه ممر للحديقة من خلال ممر خشبي قديم ، وفي بادئ الأمر لم أستطع الدخول إذ يسيطر علي الخجل فجأة فأنزوي بسرعة في أحد أركان مقهى بعيد علي مسافة كافية ، ومضيت أتطلع علني أرى مستر سينيت خارجا من الكشك الخشبي ولكنه لم يظهر ، فبقيت نصف ساعة ثم قررت العودة إلي الفندق ، وظللت يومين أذهب إلي الاستوديو ثم لا أجد في نفسي الشجاعة للدخول ، في اليوم الثالث اتصل بي مستر سينيت تليفونيا يسألني لماذا لم أحضر ؟ فادعيت له عذرا ما، فقال تعال حالا .. سنكون في انتظارك ، فذهبت واقتحمت الكشك الخشبي بجرأة طالبا مقابلته، وبعد أن قدمني سينيت إلي بعض الممثلين ، بدأت انتبه لما يجري حولي ، كانت هناك ثلاثة مناظر مقامة جنبا إلي جنب ، تعمل فيها ثلاث شركات مختلفة ، فكانت مشاهدتها أقرب إلي مشاهدة معرض دولي ، وفي أحد هذه المناظر كانت " سابل نورماند" تقرع بابا وهي تصرخ دعني أدخل ، ثم توقفت الكاميرا وانتهت المسألة ، وما كانت لدي قبل ذلك أدني فكرة من أن الأفلام تصنع هكذا جزءاً فجزءاً ، وفي منظر آخر كان فورد سترلنج العظيم الذي جئت كي أحل محله ، فقدمني إليه مستر سينيت ، وكان فورد سينفصل عن شركة كيستون لكي يؤسس شركته الخاصة مع يونيفرسال ، وكان محبوبا جدا من الجماهير ، ومن جانب كل من في الاستوديو ، وأنتحي بي المستر سينيت جانبا ، وراح يشرح لي أسلوبهم في العمل قائلا : إننا لا نكتب أي سيناريو ، وإنما نبدأ بفكرة ثم نتبع التطور الطبيعي للأحداث إلي أن تقودنا إلي مطاردة وهي جوهر كل كوميدياتنا ، كانت هذه الطريقة تنمي الخيال ، ولكنني كنت شخصا أكره المطاردة ، لأن فيها تضيع ملامح الشخصية وأنا علي قلة معرفتي عندئذ بالأفلام ، كنت أومن بأنه لاشيء يفوق الشخصية ، ومضيت في ذلك اليوم انتقل من منظر إلي آخر أراقب الفرق أثناء عملها فبدا لي أنهم جميعا يقلدون فورد سترلنج وأقلقني ذلك لأن أسلوبه لم يكن يلائمني ، ومضت الأيام بعد ذلك وأنا لا أفعل غير التجول في الاستوديو وأتساءل في قلق متي سأبدأ العمل . وصارت راحة بالي تتوقف علي سينيت فإذا رآني بالصدفة وابتسم تصاعدت أمالي ، وكان هنري ليرمان المخرج الأول في شركة كيستون بعد سينيت سيبدأ تصوير فيلم جديد ويريدني أن أمثل دور مخبر صحفي ولم تكن لدينا قصة ، فالفيلم كان مفروضا أن يكون تسجيليا عن مطابع الصحف ، محلى ببعض اللمسات الكوميدية . ولكني عندما رأيت الفيلم في صورته النهائية أحسست بقلبي يتمزق ، إذ وجدت أن المونتير قد ذبحه وغير معالمه منتزعا منه كافة تصرفاتي المضحكة ، وبعد سنوات من هذه الحادثة اعترف ليرمان بأنه فعل ذلك عمدا لأنه على حد تعبيره رأى أنني اعرف أكثر مما يجب . وأخيرا جاء أول دور حقيقي لي في السينما إذ مر بي قائلا ضع أي ماكياج مضحك ، أي شيء يخطر على بالك ، ولم تكن لدي عندئذ أدني فكرة عن صورة الماكياج الذي يحسن وضعه ، ولم أكن مرتاحا إلي الصورة التي ظهرت بها كمخبر صحفي ، علي أنني في طريقي إلي غرفة الملابس خطر ببالي أن ارتدي بنطلونا منتفخا وحذاء ضخما وعصا وقبعة ، وفكرت أن يكون كل من هذه الأشياء مناقضا للآخر ، وترددت في البداية هل أبدو صغيراً أم كبيراً في السن ، ولكنني عندما تذكرت أن سينيت كان يتوقع أن أكون أكبر مما أنا أضفت إلى وجهي شارباً صغيراً راعيت أن يزيد من سني دون أن يخفي تعبيرات وجهي . لم تكن لدي أيضا أدني فكرة عن الشخصية التي سأظهر بها ، ولكني في اللحظة التي فرغت فيها من إعداد نفسي أوحت لي الثياب والماكياج بطبيعة هذا الشخص الذي سأمثله ، وبدأت أعرفه ، وما كدت أصل إلي البلاتوه حتي كان قد ولد ، فلما واجهت سينيت تقمصت الشخصية ، ومضيت أمشي متخايلا وعصاي تتأرجح في يدي عارضا نفسي أمامه ، بينما رأسي تتزاحم وتتدفق التصرفات والأفكار المضحكة . أما عن شخصية الصعلوك التي ابتكرتها فهو رجل ذو جوانب متعددة ، فهو أفاق ومهذب وشاعر وحالم ، كما أنه وحيد في الحياة ، ويأمل أن يحب ويغامر ، وهو يستطيع الإيهام بأنه عالم أو موسيقي أو دوق أو لاعب بولو ، ومع ذلك فهو لا يتعفف عن التقاط أعقاب السجائر أو خطف الحلوى من الأطفال ، وكانت هذه الشخصية مختلفة تماما ، وغير مألوفة عند المتفرج الأمريكي بل وعندي شخصيا ، ولكنني في ملابس التمثيل كنت أشعر أنها حقيقية ، والواقع أن هذا الشخص كان يستثير عندي كافة ألوان الأفكار الخرقاء التي ما كانت تخطر على بالي إلا بعد أن أرتدي ملابس وماكياج الصعلوك . وهكذا نما في نفسي الاعتقاد بأنني أملك موهبة الخلق وأستطيع أن أكتب قصصي بنفسي. أصبح عدد الأفلام التي مثلتها خمسة وتمكنت في بعضها أن أحشو من عندي لمحة أو لمحتين من التصرفات الكوميدية بالرغم من الجزارين المتربصين في معمل التقطيع " المونتاج " ، ولما كنت قد ألفت أسلوبهم في القطع ، فقد اعتدت أن ابتكر تصرفات وحيلا كوميدية تصاحب دخولي إلى المنظر وخروجي منه ، عالما من أنهم لن يتمكنوا من بترها ، وانتهزت كل الفرص الممكنة لأتعلم أسرار المهنة ، وصرت دائم التردد على المعامل وغرف المونتاج لأراقب المونتير وهو يلصق الأجزاء بعضها ببعض ، ثم بدأت أتلهف على كتابة وإخراج أفلامي بنفسي ولكن سينيت رفض. كان متوسط النسخ التي يوزعها أي من أفلام كيستون في ذلك الوقت عشرين نسخة ، ولكن فيلمي الأخير وهو رابع فيلم لي وصلت عدد نسخه خمسا وأربعين نسخة ، ومازال الطلب يتزايد وكان هذا سر تودد سينيت لي . ولكني عندما شرعت في إخراج أول أفلامي لم أكن واثقا من نفسي بالقدر الذي كنت أظن ، بل قد داهمتني نوبة من الذعر ، ثم شعرت ببعض الاطمئنان بعد أن أطلع سينيت علي عمل اليوم الأول وكان اسم الفيلم سجين المطر ، ولم يكن تحفة عالمية ولكنه كان مضحكا وناجحا إلي حد كبير. والآن صارت عندي ثقة بالغة في أفكاري ، وأعتقد أنني مدين بذلك إلي سينيت ، فمع أنه كان مثلي غير مثقف فإنه زرع في نفسي الإيمان . كنا في عام 1914 ، وأنا في الخامسة والعشرين من عمري متفجرا بالشباب والحيوية ، مغرما بعملي إلى حد العشق لا لمجرد النجاح ولكن لما فيه من سحر وبما يتيحه لي من معرفة جميع نجوم السينما الذين كنت من أشد المعجبين بهم " ماري بيكفورد ، بلانش سويت ، مريام كوبر كلارا كمبال يونح ، أخوات جيس " وكن جميعا جميلات ومقابلتهن وجها لوجه تشعر الإنسان بأنه في الجنة . أصبحت الآن أملك عدداً كبيراً من الأفلام الناجحة من بينها " عشرون دقيقة من الحب ، الديناميت ، فصول مضحكة ، مساعد المسرح " وغيرها ، وفي هذا الوقت طلب سينيت أن يتحدث في مسألة تجديد عقدي وطلب أن يعرف شروطي ، وكنت أعرف إلى أي حد وصلت شهرتي ولكني أعرف أيضا أنها قد لا تدوم ، فكان علي أن أحصد الثمار قبل أن تغيب الشمس ، فطلبت 2000 دولار في الأسبوع وذهل سينيت وقال أنا نفسي لا أحصل على هذا المبلغ ، فقلت له أعلم ذلك ولكن طوابير الناس لا تقف أمام شباك التذاكر عندما يظهر اسمك كما تقف عندما يظهر اسمي. بقي شهر واحد علي انتهاء عقدي مع كيستون دون أن تتقدم شركة أخرى بأي عرض فبدأت أقلق ، ولكني لم أفقد ثقتي بنفسي ، وفكرت في إنتاج أفلامي بنفسي ، واستعنت بسيدني الذي التحق بالعمل في نفس الشركة وكان قد أخرج عدة أفلام ناجحة ، ثم انتقلت للعمل في استديو نايلز ولكن المعدات لم تكن مرضية ولم أشعر بالاستقرار ولا بالرضي فطلبت الانتقال إلى لوس أنجلوس . وصل رصيدي حتي الآن 20 فيلما وعدة ملايين من الدولارات لدرجة لم أعرف عددها فقد قام عني سيدني بهذه المهمة ، حاولت ذات مرة أن أتأكد من مدي ثرائي فتجولت في شورا ع " بيفرلي هيلز " وأعجبتني سيارة لم تكن بالفذة وسألت البائع كم ثمنها فقال عشرون ألف دولار فقلت له " لفها لي " وبدأت أستقبل كالأباطرة في كل مكان أحل به ، ومن مدينة كانساس إلي شيكاغو ، ظهر الناس ككل مرة وكل مكان أمر به محتشدين عند المزلقانات وفي الحقول يلوحون للقطار الذي يقلني وهو يمر بهم ، وأردت أن أستمتع بهذا كله علي سجيتي ، ولكنني شغلت طوال الوقت بفكرة أن العالم لابد قد أصابه الجنون ، فإذا كان عدد الكوميدنات الهزلية يمكن أن يثير كل هذه الضجة ، أليس معني ذلك أن هناك شيئا من الزيف في كل ما هو شهرة ؟ لقد كنت دائما أتصور أنني سأستمتع بانتباه الجماهير ، ولكن ها هو ذلك الانتباه علي العكس يعزلني عنها ، ويفرض علي إحساسا بالاكتئاب والوحدة . كنت في لهفة بعد انتهاء عقدي مع شركة "ليوتوالي " إلي بدء العمل مع شركة فرست ناشونال ، ولم يكن لدينا استديو ، فقررت أن أشتري أرضا في هوليوود وأبني لنفسي واحدا ، وكان بيت جميل من عشر غرف وخمسة أفدنة من أشجار الليمون والبرتقال والخوخ وبنينا فيه وحدة نموذجية كاملة بما يتبعها من معامل للتحميض والإنتاج ومكاتب للإدارة . قبل مغادرتي لوس انجلوس من أجل حملة سندات الحرب الثالثة ، حدث أنني قابلت" ماري دورو" وكانت قد جاءت إلي هوليوود لتلعب ادوار البطولة في أفلام بارامونت ، وكانت عندئذ من معجبات شابلن حتي أنها قالت " لكونستانس كولير" أن الشخص الوحيد الذي تريد أن تراه في هوليوود هو شارلي شابلن ، دون أن يخطر ببالها أنني سبق أن مثلت معها في لندن في مسرح روق يورك . وعن زواجه وعلاقاته العاطفية يقول شابلن ، تزوجت أول امرأة قال عنها خادمي أنها جميلة ولم ألحظ ذلك ، كانت أحاسيس مختلطة ، وكنت أشعر أنني سقطت في شباك نسجتها ظروف هوجاء لا مبرر لها ، رباط ليس له أساس من الضرورة ، غير أنني كنت قبل ذلك أحن دائما إلي أن تكون لي زوجة ، "وميلوريد " كانت شابة وجميلة لم تكد تبلغ التاسعة عشرة ، وأنتهي هذا الزواج الغريب بالطلاق . انتقلت أمي للعيش معي وظلت لمد عامين مستمتعة بصحتها ، ولكنني وأنا مشغول بإخراج فيلم " السيرك " تلقيت رسالة تنبئني بمرضها ، وأنذرنني الأطباء بأن نكستها قد تكون خطيرة ، وعندما وصلت إلي المستشفي كانت في شبه غيبوبة بسب دواء أعطوه لها بقصد تخفيف الألم وهمست لها برفق ، أمي هاأنذا شارلي ، ثم تناولت يدها بين يدي فاستجابت في ضعف ضاغطة عليهما ، وفي اليوم التالي أبلغت أنها ماتت وكنت قد تهيأت لهذا النبأ ، حتي بعد الموت كان تعبير وجهها يبدو مهموما ، كما لو كانت تتوقع مزيدا من الألم . تزوجت للمرة الثانية أثناء قيامي بتصوير فيلم " البحث عن الذهب " وحاولت السير بسفينة الحياة ولكن انتهت القصة مخلفة ورءاها كثيرا من المرارة ، الزيجة الثالثة والأخيرة كانت بعيدة عن توقعي نظرا لفارق السن بيننا كنت أكبر منها بثلاثين عاما ، وبدأ تعارفنا لرغبتها في التمثيل ولكنها بعد زواجنا تخلت عن الفكرة وعن الجنسية الأمريكية نظرا لما عانيته من الأمريكان الذين أتهمونني بالشيوعية وبالخيانة، وبالهجوم المتواصل لدرجة أنني كرهت الحصول علي الجنسية الأمريكية وكان هذا ما زاد من حربهم المستمرة ضدي ، هذا وقد أنجبنا أنا وأونا أونيل خمسة أبناء هم أجمل ما في حياتنا وهي بالمناسبة ابنة الكاتب المسرحي الكبير يوجين أونيل .هذا وقبل أن أختم هذه المذكرات أسجل هنا أنني اكتشفت أن هتلر كان يقلدني وانظروا إلي شاربه للتأكد من ذلك . في الجزء الأخير من مذكرات شابلن .. هتلر كان يقلدني وانظروا إلى شاربه سعاد سليمان 11/07/2008 05:03:00 ص GMT نكمل في الجزء الأخير من مذكرات شارلي شابلن كيف وصل إلي قمة المجد ، وأصبح يستقبل كالملوك والأباطرة في كل مكان يحل به ، ومع الكاتب الصحفي الراحل صلاح حافظ ، الذي قام بترجمة هذه المذكرات إلي العربية نتواصل مع شارلي شابلن فيقول : وبعد عدة استفهامات وجدت نفسي أمام استديو كيستون ، وكان مكانا خربا يحيط به سور مربع أخضر طول ضلعه خمسون متراً ، أما المدخل فيقود إليه ممر للحديقة من خلال ممر خشبي قديم ، وفي بادئ الأمر لم أستطع الدخول إذ يسيطر علي الخجل فجأة فأنزوي بسرعة في أحد أركان مقهى بعيد علي مسافة كافية ، ومضيت أتطلع علني أرى مستر سينيت خارجا من الكشك الخشبي ولكنه لم يظهر ، فبقيت نصف ساعة ثم قررت العودة إلي الفندق ، وظللت يومين أذهب إلي الاستوديو ثم لا أجد في نفسي الشجاعة للدخول ، في اليوم الثالث اتصل بي مستر سينيت تليفونيا يسألني لماذا لم أحضر ؟ فادعيت له عذرا ما، فقال تعال حالا .. سنكون في انتظارك ، فذهبت واقتحمت الكشك الخشبي بجرأة طالبا مقابلته، وبعد أن قدمني سينيت إلي بعض الممثلين ، بدأت انتبه لما يجري حولي ، كانت هناك ثلاثة مناظر مقامة جنبا إلي جنب ، تعمل فيها ثلاث شركات مختلفة ، فكانت مشاهدتها أقرب إلي مشاهدة معرض دولي ، وفي أحد هذه المناظر كانت " سابل نورماند" تقرع بابا وهي تصرخ دعني أدخل ، ثم توقفت الكاميرا وانتهت المسألة ، وما كانت لدي قبل ذلك أدني فكرة من أن الأفلام تصنع هكذا جزءاً فجزءاً ، وفي منظر آخر كان فورد سترلنج العظيم الذي جئت كي أحل محله ، فقدمني إليه مستر سينيت ، وكان فورد سينفصل عن شركة كيستون لكي يؤسس شركته الخاصة مع يونيفرسال ، وكان محبوبا جدا من الجماهير ، ومن جانب كل من في الاستوديو ، وأنتحي بي المستر سينيت جانبا ، وراح يشرح لي أسلوبهم في العمل قائلا : إننا لا نكتب أي سيناريو ، وإنما نبدأ بفكرة ثم نتبع التطور الطبيعي للأحداث إلي أن تقودنا إلي مطاردة وهي جوهر كل كوميدياتنا ، كانت هذه الطريقة تنمي الخيال ، ولكنني كنت شخصا أكره المطاردة ، لأن فيها تضيع ملامح الشخصية وأنا علي قلة معرفتي عندئذ بالأفلام ، كنت أومن بأنه لاشيء يفوق الشخصية ، ومضيت في ذلك اليوم انتقل من منظر إلي آخر أراقب الفرق أثناء عملها فبدا لي أنهم جميعا يقلدون فورد سترلنج وأقلقني ذلك لأن أسلوبه لم يكن يلائمني ، ومضت الأيام بعد ذلك وأنا لا أفعل غير التجول في الاستوديو وأتساءل في قلق متي سأبدأ العمل . وصارت راحة بالي تتوقف علي سينيت فإذا رآني بالصدفة وابتسم تصاعدت أمالي ، وكان هنري ليرمان المخرج الأول في شركة كيستون بعد سينيت سيبدأ تصوير فيلم جديد ويريدني أن أمثل دور مخبر صحفي ولم تكن لدينا قصة ، فالفيلم كان مفروضا أن يكون تسجيليا عن مطابع الصحف ، محلى ببعض اللمسات الكوميدية . ولكني عندما رأيت الفيلم في صورته النهائية أحسست بقلبي يتمزق ، إذ وجدت أن المونتير قد ذبحه وغير معالمه منتزعا منه كافة تصرفاتي المضحكة ، وبعد سنوات من هذه الحادثة اعترف ليرمان بأنه فعل ذلك عمدا لأنه على حد تعبيره رأى أنني اعرف أكثر مما يجب . وأخيرا جاء أول دور حقيقي لي في السينما إذ مر بي قائلا ضع أي ماكياج مضحك ، أي شيء يخطر على بالك ، ولم تكن لدي عندئذ أدني فكرة عن صورة الماكياج الذي يحسن وضعه ، ولم أكن مرتاحا إلي الصورة التي ظهرت بها كمخبر صحفي ، علي أنني في طريقي إلي غرفة الملابس خطر ببالي أن ارتدي بنطلونا منتفخا وحذاء ضخما وعصا وقبعة ، وفكرت أن يكون كل من هذه الأشياء مناقضا للآخر ، وترددت في البداية هل أبدو صغيراً أم كبيراً في السن ، ولكنني عندما تذكرت أن سينيت كان يتوقع أن أكون أكبر مما أنا أضفت إلى وجهي شارباً صغيراً راعيت أن يزيد من سني دون أن يخفي تعبيرات وجهي . لم تكن لدي أيضا أدني فكرة عن الشخصية التي سأظهر بها ، ولكني في اللحظة التي فرغت فيها من إعداد نفسي أوحت لي الثياب والماكياج بطبيعة هذا الشخص الذي سأمثله ، وبدأت أعرفه ، وما كدت أصل إلي البلاتوه حتي كان قد ولد ، فلما واجهت سينيت تقمصت الشخصية ، ومضيت أمشي متخايلا وعصاي تتأرجح في يدي عارضا نفسي أمامه ، بينما رأسي تتزاحم وتتدفق التصرفات والأفكار المضحكة . أما عن شخصية الصعلوك التي ابتكرتها فهو رجل ذو جوانب متعددة ، فهو أفاق ومهذب وشاعر وحالم ، كما أنه وحيد في الحياة ، ويأمل أن يحب ويغامر ، وهو يستطيع الإيهام بأنه عالم أو موسيقي أو دوق أو لاعب بولو ، ومع ذلك فهو لا يتعفف عن التقاط أعقاب السجائر أو خطف الحلوى من الأطفال ، وكانت هذه الشخصية مختلفة تماما ، وغير مألوفة عند المتفرج الأمريكي بل وعندي شخصيا ، ولكنني في ملابس التمثيل كنت أشعر أنها حقيقية ، والواقع أن هذا الشخص كان يستثير عندي كافة ألوان الأفكار الخرقاء التي ما كانت تخطر على بالي إلا بعد أن أرتدي ملابس وماكياج الصعلوك . وهكذا نما في نفسي الاعتقاد بأنني أملك موهبة الخلق وأستطيع أن أكتب قصصي بنفسي. أصبح عدد الأفلام التي مثلتها خمسة وتمكنت في بعضها أن أحشو من عندي لمحة أو لمحتين من التصرفات الكوميدية بالرغم من الجزارين المتربصين في معمل التقطيع " المونتاج " ، ولما كنت قد ألفت أسلوبهم في القطع ، فقد اعتدت أن ابتكر تصرفات وحيلا كوميدية تصاحب دخولي إلى المنظر وخروجي منه ، عالما من أنهم لن يتمكنوا من بترها ، وانتهزت كل الفرص الممكنة لأتعلم أسرار المهنة ، وصرت دائم التردد على المعامل وغرف المونتاج لأراقب المونتير وهو يلصق الأجزاء بعضها ببعض ، ثم بدأت أتلهف على كتابة وإخراج أفلامي بنفسي ولكن سينيت رفض. كان متوسط النسخ التي يوزعها أي من أفلام كيستون في ذلك الوقت عشرين نسخة ، ولكن فيلمي الأخير وهو رابع فيلم لي وصلت عدد نسخه خمسا وأربعين نسخة ، ومازال الطلب يتزايد وكان هذا سر تودد سينيت لي . ولكني عندما شرعت في إخراج أول أفلامي لم أكن واثقا من نفسي بالقدر الذي كنت أظن ، بل قد داهمتني نوبة من الذعر ، ثم شعرت ببعض الاطمئنان بعد أن أطلع سينيت علي عمل اليوم الأول وكان اسم الفيلم سجين المطر ، ولم يكن تحفة عالمية ولكنه كان مضحكا وناجحا إلي حد كبير. والآن صارت عندي ثقة بالغة في أفكاري ، وأعتقد أنني مدين بذلك إلي سينيت ، فمع أنه كان مثلي غير مثقف فإنه زرع في نفسي الإيمان . كنا في عام 1914 ، وأنا في الخامسة والعشرين من عمري متفجرا بالشباب والحيوية ، مغرما بعملي إلى حد العشق لا لمجرد النجاح ولكن لما فيه من سحر وبما يتيحه لي من معرفة جميع نجوم السينما الذين كنت من أشد المعجبين بهم " ماري بيكفورد ، بلانش سويت ، مريام كوبر كلارا كمبال يونح ، أخوات جيس " وكن جميعا جميلات ومقابلتهن وجها لوجه تشعر الإنسان بأنه في الجنة . أصبحت الآن أملك عدداً كبيراً من الأفلام الناجحة من بينها " عشرون دقيقة من الحب ، الديناميت ، فصول مضحكة ، مساعد المسرح " وغيرها ، وفي هذا الوقت طلب سينيت أن يتحدث في مسألة تجديد عقدي وطلب أن يعرف شروطي ، وكنت أعرف إلى أي حد وصلت شهرتي ولكني أعرف أيضا أنها قد لا تدوم ، فكان علي أن أحصد الثمار قبل أن تغيب الشمس ، فطلبت 2000 دولار في الأسبوع وذهل سينيت وقال أنا نفسي لا أحصل على هذا المبلغ ، فقلت له أعلم ذلك ولكن طوابير الناس لا تقف أمام شباك التذاكر عندما يظهر اسمك كما تقف عندما يظهر اسمي. بقي شهر واحد علي انتهاء عقدي مع كيستون دون أن تتقدم شركة أخرى بأي عرض فبدأت أقلق ، ولكني لم أفقد ثقتي بنفسي ، وفكرت في إنتاج أفلامي بنفسي ، واستعنت بسيدني الذي التحق بالعمل في نفس الشركة وكان قد أخرج عدة أفلام ناجحة ، ثم انتقلت للعمل في استديو نايلز ولكن المعدات لم تكن مرضية ولم أشعر بالاستقرار ولا بالرضي فطلبت الانتقال إلى لوس أنجلوس . وصل رصيدي حتي الآن 20 فيلما وعدة ملايين من الدولارات لدرجة لم أعرف عددها فقد قام عني سيدني بهذه المهمة ، حاولت ذات مرة أن أتأكد من مدي ثرائي فتجولت في شورا ع " بيفرلي هيلز " وأعجبتني سيارة لم تكن بالفذة وسألت البائع كم ثمنها فقال عشرون ألف دولار فقلت له " لفها لي " وبدأت أستقبل كالأباطرة في كل مكان أحل به ، ومن مدينة كانساس إلي شيكاغو ، ظهر الناس ككل مرة وكل مكان أمر به محتشدين عند المزلقانات وفي الحقول يلوحون للقطار الذي يقلني وهو يمر بهم ، وأردت أن أستمتع بهذا كله علي سجيتي ، ولكنني شغلت طوال الوقت بفكرة أن العالم لابد قد أصابه الجنون ، فإذا كان عدد الكوميدنات الهزلية يمكن أن يثير كل هذه الضجة ، أليس معني ذلك أن هناك شيئا من الزيف في كل ما هو شهرة ؟ لقد كنت دائما أتصور أنني سأستمتع بانتباه الجماهير ، ولكن ها هو ذلك الانتباه علي العكس يعزلني عنها ، ويفرض علي إحساسا بالاكتئاب والوحدة . كنت في لهفة بعد انتهاء عقدي مع شركة "ليوتوالي " إلي بدء العمل مع شركة فرست ناشونال ، ولم يكن لدينا استديو ، فقررت أن أشتري أرضا في هوليوود وأبني لنفسي واحدا ، وكان بيت جميل من عشر غرف وخمسة أفدنة من أشجار الليمون والبرتقال والخوخ وبنينا فيه وحدة نموذجية كاملة بما يتبعها من معامل للتحميض والإنتاج ومكاتب للإدارة . قبل مغادرتي لوس انجلوس من أجل حملة سندات الحرب الثالثة ، حدث أنني قابلت" ماري دورو" وكانت قد جاءت إلي هوليوود لتلعب ادوار البطولة في أفلام بارامونت ، وكانت عندئذ من معجبات شابلن حتي أنها قالت " لكونستانس كولير" أن الشخص الوحيد الذي تريد أن تراه في هوليوود هو شارلي شابلن ، دون أن يخطر ببالها أنني سبق أن مثلت معها في لندن في مسرح روق يورك . وعن زواجه وعلاقاته العاطفية يقول شابلن ، تزوجت أول امرأة قال عنها خادمي أنها جميلة ولم ألحظ ذلك ، كانت أحاسيس مختلطة ، وكنت أشعر أنني سقطت في شباك نسجتها ظروف هوجاء لا مبرر لها ، رباط ليس له أساس من الضرورة ، غير أنني كنت قبل ذلك أحن دائما إلي أن تكون لي زوجة ، "وميلوريد " كانت شابة وجميلة لم تكد تبلغ التاسعة عشرة ، وأنتهي هذا الزواج الغريب بالطلاق . انتقلت أمي للعيش معي وظلت لمد عامين مستمتعة بصحتها ، ولكنني وأنا مشغول بإخراج فيلم " السيرك " تلقيت رسالة تنبئني بمرضها ، وأنذرنني الأطباء بأن نكستها قد تكون خطيرة ، وعندما وصلت إلي المستشفي كانت في شبه غيبوبة بسب دواء أعطوه لها بقصد تخفيف الألم وهمست لها برفق ، أمي هاأنذا شارلي ، ثم تناولت يدها بين يدي فاستجابت في ضعف ضاغطة عليهما ، وفي اليوم التالي أبلغت أنها ماتت وكنت قد تهيأت لهذا النبأ ، حتي بعد الموت كان تعبير وجهها يبدو مهموما ، كما لو كانت تتوقع مزيدا من الألم . تزوجت للمرة الثانية أثناء قيامي بتصوير فيلم " البحث عن الذهب " وحاولت السير بسفينة الحياة ولكن انتهت القصة مخلفة ورءاها كثيرا من المرارة ، الزيجة الثالثة والأخيرة كانت بعيدة عن توقعي نظرا لفارق السن بيننا كنت أكبر منها بثلاثين عاما ، وبدأ تعارفنا لرغبتها في التمثيل ولكنها بعد زواجنا تخلت عن الفكرة وعن الجنسية الأمريكية نظرا لما عانيته من الأمريكان الذين أتهمونني بالشيوعية وبالخيانة، وبالهجوم المتواصل لدرجة أنني كرهت الحصول علي الجنسية الأمريكية وكان هذا ما زاد من حربهم المستمرة ضدي ، هذا وقد أنجبنا أنا وأونا أونيل خمسة أبناء هم أجمل ما في حياتنا وهي بالمناسبة ابنة الكاتب المسرحي الكبير يوجين أونيل .هذا وقبل أن أختم هذه المذكرات أسجل هنا أنني اكتشفت أن هتلر كان يقلدني وانظروا إلي شاربه للتأكد من ذلك .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق