الخميس، فبراير 10، 2011

أنت ,أنا ومي...

                                    أنت ,أنا ومي...



صباح الخير



لا حديث عن الطقس والطقوس اليوم ,أشم ريح الربيع كما شم يعقوب النبي ريح يوسف في الأفق ,شذى أشجار الصنوبر تثقل النسيم هذا الصباح ,وأنا أتصبر بها عن طيب خاطر حتى يتمكن الربيع من شد عوده وفرض وجوده ,وينفض عن الأغصان المثقلة بالهموم جليدها

انتظره بشغف وأوقن انه قريب جدا فانا أشم ريحه وحجتي في ذلك ما كان من أمر الابن وأبيه



بعض الثنائيات في هذا العالم مثيرة للاهتمام والدهشة  كقصة مي وجبران ,كنت ابحث في بعض أوراقي القديمة ووجدت قصاصات ورق بتواريخ سنوات انقضت ,كنت أدون بعض الفقرات من مراسلات مي وجبران , وأدسها كالتمائم بين أوراق كراريسي وحين أمل الدراسة أخرجها

واستمتع بالحسن والأدب الذي طبع أسلوب تلك الآنسة الرقيقة الطباع, الغريبة الأطوار أحيانا

في طريقة تواصلها الممتع مع وليف يفصلها عنه ألاف الأميال, لكنني لم أحبذ يوما فكرة معرفة

نهاية تلك العلاقة المميزة بين كائنين جمع بينها الأدب في حالة حب وجمع بينهما الحب في حالة أدب, لا اعرف إن افترقا قبل أن يلتقيا أو لم يلتقيا أبدا...كنت أشيح بوجهي عن طلاب قسم الآداب واللغة كلما مروا إلى جانبي

خوفا من أن يجيبني احدهم في غمرة نقاشاتنا أنهما لم يلتقيا وان جبران لم يكلف نفسه عناء السفر للتي كانت تكتب له بتلك الطريقة الرائعة...لا أود أن اعرف ,فعلا لا أود ولا أريدك أن تجيبني على سؤال حيرني طوال سنوات لكنني لم أكن املك الشجاعة لأرد عليه بإكمال السيرة الذاتية لأي منهما ,تركتها مفتوحة كنهاية فيلم تركت خاتمته لفتاوينا  وأهوائنا وأحلامنا

يكفيني من السعادة ما كنت أحسه في كل سطر خطته تلك الجنية الصغيرة ,تلك الآنسة كانت تجعلني ابتسم , وهذا ما لا تفعله بعض القراءات أحيانا ,جعلتني أؤمن أن النص الذي لا يجعلك

تشعر بانك بحضرة إنسان فلا خير فيه ولا فائدة ,مي الجنية كانت تجعلني أحس أن تفاصيل الحياة الدقيقة غير مملة إن عولجت بمادة الكتابة وانه لا ضير من التجرد من أنانيتنا قليلا

والتعاطف مع تجارب بعضنا وان كانت بسيطة ,ومملة فبعض التفاصيل فيها مفاتيح لأبواب أغلقناها واضعنا مفاتيحها في غمرة ركضنا وراء بعض الأسباب التي توهمنا أنها قادرة على منحنا السعادة...مي كانت تنتحب وتنتخب من الحياة من يفهم نحيبها كامرأة ومن لم يفهمها فلا أضنه أحب يوما وذاق مرارة الهوى...بعض القصاصات تغير لونها تلك  التي حفظتها بأمان بقيت على حالها والأخرى أكلتها العثة القارضة ولم يبقى منها إلا صفرة قاتمة بشراسة أفعى صفراء رقطاء ’تتسلق جدار بعض الذكريات القاتمة ...غريب أمر العثة لم تبقى إلا على أجمل العبارات وارقها ,بعض العثة  مهذب في جلوسه إلى مائدة الطعام انظر ماذا تركت لي :"

لا تخافي الحب يا ماري، لا تخافي الحب يا رفيقة قلبي، علينا أن نستسلم إليه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشة، ورغم ما فيه من الالتباس والحيرة...أتعرف؟ جمال هذه العبارة يتوقف

على فتوايا الخاصة بنهاية علاقتهما ,فان لم يلتقيا فلا رجاء في حب لا يجني المحب فيه سوى الألم والحسرة والجنون , وان التقيا فلا أراه سوى عاشقا بصدق أضيف اسمه يوما إلى سجلات شهداء المودة الصادقة... وهذه قصاصة أخرى من قصاصات أميرة حقيقية,دعها تحترق

حين تلامس يداك سحر الورقة والتجربة والتفاصيل المملة في عرف المملين والمتجددة في عرفي أنا وأنت:" غابت الشمس وراء الأفق ومن خلال الأشكال والألوان حصحصت نجمه لامعه واحده هي الزهرة , أترى يسكنها كأرضنا بشر يحبون ويتشوقون ؟ ربما وُجد فيها من هي مثلي , لها جبران واحد , تكتب أليه الآن والشفق يملأ الفضاء وتعلم أن الظلام يخلف الشفق وان النور يتبع الظلام وأن الليل سيخلف النهار والنهار سيتبع الليل مرات كثيرة قبل أن ترى الذي تحبه ... فتتسرب إليها كل وحشة الشفق , وكل وحشة الليل , فتلقي القلم جانباً لتحتمي من الوحشة في اسم واحد : جبران !

من منا لم يحتمي بالوحشة؟ومن منا لم يسخر له الله ملاكا ادميا أو سببا من الأسباب يحيل تلك الوحشة إلى ألفة؟فان كان قدر للبعض الوحشة الأبدية فليجهدوا عقولهم في البحث عن رفيق روحي وان كان صناعة خيال , وليبثوا له أحزانهم وماسيهم وأفراحهم وأحلامهم وتفاصيلهم اليومية ما سخف منها وما عظم ,في قصاصات صغيرة وليحفظوها في كراريسهم أو تحث أسرتهم بعناية وليتركوها للعثة فهي كفيلة أن تنتخب لهم من تلك القصاصات ما يجعلهم يرسمون ابتسامة رضا  حقيقي بعد بضع سنين كتلك التي أرى انعكاسها ألان على مرآة روحي.

لكنني لست كــمي التي لا أود أن اعرف نهايتها فانا أشم ريح الربيع كما شم يعقوب النبي ريح حبيبه المفقود.

من بعض ماسكبتة صديقتي الغالية ..... رضوى ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق