الأربعاء، يناير 19، 2011

حق مشروع

ربما اتيت لأخبركم بأن الوقت متأخر وأن السجان سيأتي وبيده مفاتيح القضية ويقول لنا: كفى لقد نطقت بالحكم!
ترى أي دفاع عن قضيانا نملك؟ أي كلام سننطق لمن لا يسمع؟!
في يده ألف عصا وحُكم، يده لا تشبه اليد التي نعرف ونصافح ونقبل..!
أخوتي.. يد العدالة لا تشبه اليد التي نحب!

حدثتكم عن العدالة ولا أعرف كيف أفسرها لكم اليوم وكيف أبرز أهمية أن تكون عادلة ومنصفة وتبتغي وجه الله في الحكم!
كل ماسبق أشياء غير ملموسة ويصعبٌ عليّ شرحها لكم أيضاً.
هل يمكن أن نبتغي وجه الله ونحن نحكم على الأشياء؟!
لا وكذلك هي العدالة.

قبل سنين ودعتني فتاة.. نعم صبية بجديلتين.. وقلب وروح..!
لا تسئ الظن بنا أمنحني عدالة أكبر وتمهل في الحكم.
لم أتقن الردود/الادوار الأخيرة في حياتي ولا ألعاب الكذب والنفاق..
ولهذا نطق السجان بالحكم فتفرقنا..!
تخيلوا موقفي وأنا اتسلم شهادة عدم الصلاحية وبأنك شيء سخيف وأنك يجب أن تبقَ مع إنسان يشاطرك أساسيات المجتمع الذي تعيش فيه!
وإذا رغبت في التفكير وحدثت الناس عن مايملكون من تراثات دينية وفكرية وأنك تقرأ مالا يقرأون.. فتعلم مالا يعلمون..! تخسر القضية مثلي!
أنتهت الحكاية وجفت الصحف بإنفصال تام وتجرد كلٌ منا مِن ما يملك واتبعت ملة أبائي من قبل إبراهيم وأسحاق ويعقوب.

...

يحدث قريباً منكم صراعٌ بين مدرسة وشيخيين..
والصراع على فتوى تكفيرية لمن يخالف رأي الشيخ فيصبح رأيين!
اتخيلني ذاهبٌ لهناك وأحدث الشعبين بما أريد أن أقول؟!
(ياسلام علي لو ذهبت برجلي لهناك!)
لكان: من أنت لتخالف حكم شيخٍ ويصبح في الموضوع رأيين!
ستواجه بسلاح ألف القطع وهمزّ الوصل..
فلا يتكلم في دين الله من لم يتم تعليمه اللغوي ولا يفرق بين نصبٍ وجر..
مع اننا - كل منا - يتبع مايفهم من الدين!
وينطق بدون قواعد نحوية ويقرأ القرآن في رمضان ويحدث أهله عن الله والإسلام! هكذا بدون تكلف وكلافة..! حديث من القلب إلى القلب!
لكن سيرفعون عليك ألف مشرط و قد جهزو لك ألف سكين، فمسكين - ياأخوتي - من هو هذه الأيام يبتعد عن هوى التراث والتقليد ويتبع هوى التفكير..!

أخوتي قلت لكم يد العدالة لا تفرق بين مؤمن مخالف ومن في قلبه غلّ..!
فالسيف إذا أعطيَ لمتعصبٍ أو جاهل يصبح السيف قنبلة لا تفرق بين أخٍ وحبيب!

في المحكمة هناك قاضٍ ومحلفون ولجنة دفاع..
ولكن في أخر الحلقة - وإن اختلفت الأراء - هناك حكمٌ واحد والعدل لا يقبل بشئيين..!
هذا يحدث في دنيانا في أرفع دور المحاكم. ولكن إذا كان محاميك " شاطر " سيرميك بالجنون قبل أن تهوي على رقبتك سيف العدل المنشود!

ترتفع الأصوات من حولي هذه الأيام في صخب فأسكن إلى نفسي..
لم أتمنى أن أعيش يوماً في كنف سجن دنيوي ولا ديني!
ولا أعرف عن نفسي بأنني يمكن أن أعيش بدون قناعة ولو خالفت أباي!
للعلم أبي شيخٌ كبير.. حكيم وجميل..
يملك من الدماغ أجمله ولكنه في حين يصبح "رأيه رأيين" تختفي ملامح الود فيصبح للعدالة دورٌ مهم فيلبس لباس القاضي والمحلفين ولجنة الدفاع ويخبرني: أبني الاختلاف مذموم.
هل أحتج وأقول: هكذا حفرو في أذهاننا فقط..! أبي ربما قصدو شيئاً وربما أخطئو ولكن الموضوع لا يمكن أن يكون في كل شيء..!
لا يمكن ان تعيش حياتك كما يراها الناس لك وأن تسكن في بيت لا تستطيع تحمل تكاليف أجاره ولا تركب سيارة لا توفر لها وقودها أو أن تتزوج أمرآة لم تراها ولا يسمح لك بالحديث معها إلا نزراً يسير!! لا يمكن أن تلبس مايحب الناس وتأكل ماتريد!
فيجيبني: أبني ماتريده غير العدالة المطلوبة..
فمجريات الأحداث والتفاصيل محبوكة منذ سنين فقد ورثناها من أباء عارفين..
ماذا يصلح لنا وما هو عدلٌ لنا.. فصل القول فيه أتى منذ سنين.
أبي الحياة بسيطة جداً ولكن تكاليفها وتعقدها أختلفت كثيراً عن مامضى..!
أبني.. كل هذا لا يهم في سبيل المحافظة على نسيج المجتمع من التأكل! فلا يجوز أن ترى الباطل يمشي بجوار الحق..! لا يتحمل المجتمع أن يرى إمرآة سافرة بجوار المحجبة! للعين دور رئيسي في تركيز القناعات والأفكار.

في بيتي يحدث شيئيين..
زوجتي وأنا..
نملك من الرأي - أحياناً - رأيين..
ولكي تمشي الأمور "الهوينا" !
قررنا أن نحذف في كل مرةٍ رأياً من الرأيين..
اتبعنا سنة فرعون من قبل فمرة لها ومرة لي بتتابع مستمر.

في المدرسة نملك رأساً واحداً.. وفي العمل رأسٌ واحد..
حياتنا لا يمكن أن تسير برأسين على كتف احدانا..
هل رأيت من رجلٍ بقلبين؟!
نعم.

لقد رأيت في قلب الإنسان قلوباً شتى.. حتى الآلات تعطيك نتائجاً شتى بتغير المعطيات!
فلا يمكن ان تكون أبيضاً وأسود في دنيا الألات بدون تغيير في المعطيات وكذلك كل فرد - حيث الهوى والمشاعر - له معطياته الخاصة ووجوه عديدة فهو ظالم وعادل ومفترٌ وطالب حقٍ والقائمة تطول..!
ينصحك البعض بأن تفصل بين السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية..!
ولكن في بيتك وعملك والشرع هناك سلطة واحدة سلطة المجتمع والرأي الواحد الذي ليس له مخالف!

أخوتي الاختلاف مذمومٌ حتى حين يشتري متزوجٌ ضمة من الورد فيحملها في السوق لزوجته!
فالحب لا يصلح إلا لأولئك الصيع من العاشقين.. وأن تمسك يد زوجتك وتتمشى معها أو تضحك أو تلعب معها في الشارع وأمام الناس شيء مذموم!
وما على المجتمع إلا أن يطاع فتحمل ورودك في كيسٍ أسودٍ تخفي به جريمة حبك لزوجتك! وأن تتفحم زوجتك داخل بيتها! وتري الناس مايريدون!

في بيتك تتزعم الكنبة..
صديقك ورفيقة عمره في زيارة لكما..
إن تكلم إبنك في حضرت الكبار..
جُزّر ورّدع..!
من هو حتى يتكلم في حضرة الملوك ويخلع عن صدورهم التيجان والأوسمة..!
أخوتي..
الظلم إن عم أفسد!
ولكن من أنت حتى تخبر الناس أن في موضوع العدالة رأيين!!

بقلم نبي مهاجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق