الأحد، يناير 30، 2011

شخصيات بغدادية في الذاكرة


الكثير من ظواهر واحداث الزمان التئ مرت على بغداد خلال
العقود الطويله من تاريخها قد افرزت شخصيات في الادب والفن
والسياسة والتاريخ والفقه والفلسفة وغيرها من العلوم... والى
جانب هذا وذاك ظهرت شخصيات تفردت عن الاخرين على
مستوى التصرف او السلوك ، ومنها ما كان استثنائيا حيث بقوا
رغم مرور السنين حديث اهل بغداد لتميزهم عن غيرهم ,, ولان
الموضوع طويل سانقل لكم كل شخصية على حدة


ونحن دائما نتحدث عن تاريخ الشعوب ومعالمها
ونستجمع معلومات من هنا وهناك
وسوف ناخذكم اليوم لعهد جميل مر بغداد
وهو العشرينات
وماتلاها
ونرى بعضا من شخصيات عاشت وذاع صياتها
انذاك





حسّون الأمريكي

شخص عرف في بغداد بعد الحرب العالميه الثانيه ، من خلال
الوان واشكال ملبسه وقد بدء بالوقوف عصر أغلب الأيام ،
متكئا على احدى "الدنك" امام المصور ارشاك في ساحة حافظ
القاضي ، يستعرض المارة ويسمع تعليقاتهم اللطيفه احيانا
والجارحة غالبا ، لكنه لايبالي مبتسما ،
بعدها أخذ الناس يشاهدونه في شوارع بغداد الرئيسيه اما على
دراجة سباق هوائيه او ماشيا يقود كلبا ، وهو يرتدي بنطلون
جينز او شورت وثياب مزركشه ملونه وقبعه وحذاء معقوف من
الأمام (جم جم) او (قبغلي) ...

أنه حسون بن كاظم بن عيسى العبيدي من مواليد الصليخ عام
1929 وتوفى 1985 ...مهنته كانت التمريض في مستشفى
الأمراض العقليه ، ووصل الى رتبة رئيس ممرضين...

حصل على لقب ( الأمريكي) من البغداديون لانه تميز بملابسه
الغير معتاده حينها ...في أوائل الستينات ضيّفه التلفزيون
بصحبة دراجته وبزيه المعتاد ، وشرح وجهة نظره في ملبسه ،
بعدها شارك في تمثيلية عرضت في التلفزيون ،

دعا من خلالها الشباب الى ان يتمتعوا بحريتهم العصرية دون
الاعتداء على حرية الآخرين وانتقد تصرفات المراهقين
وتحرشهم بالفتيات وصارت الصحف تعتبره من ظرفاء بغداد...
بعد فترة ابتعد عن الأنظار هروباً من التعليقات الساخرة
والمؤلمة أحياناً .





احمد بنية


تميز (احمد بنية) بانه كان يلبس العرقجين وحده ويرمي اليشماغ باهمال
على كتفه الايمن ويمشي مسرعاً في شارع الرشيد متلفتاً ذات اليمين وذات الشمال
يوحي للناس بانه ذاهب لعمل مهم ،
ويسمع دائما عبارة أستريح أبو شهاب وجوابه الدائم (لا والله عندي شغل مهم)
و الحقيقة ان لا عمل ولا شغل لديه ، وكان يتواجد بالقرب من أماكن
وقوع الجرائم راجيا ان يتهم لكن امنيته لم تتحقق...
ويبالغ في بعض الاحيان ويقول واليشماغ في يده دلالة على
الارتباك (والله ماكو شي بس شويه جرينا اذن) اي اشبعنا
الضحية موتا او ضرباً اورفسا ، أو ان يقول (أنجبرنا نضربه فشكتين (طلقتين) خاطر انأدبهً)...
والناس تعرف ان لاصحة لكلامه ، ومع ذلك فقد كان محبوباً
يستمتعون بأحاديثه عن البطولات والمراجل والجرائم الوهميه
التي قام بها... ولم يعرف عنه بانه قد تعرض للاذى او اعتدى عليه او جرى اعتقاله



توفيق اجنص

وهو من اشهر الشخصيات البغدادية في جانب الرصافة واجنص معناها
الاخبار فهو مغرم بنقل الاخبار من محل الى اخر ومن شخص الى
اخر لدرجة ان جميع الموجودين بين باب المعظم والسيد سلطان علي
واصحاب الدكاكين والمصالح يعرفون الخبر نفسه، وتوفيق من سكان
محلة الطوب في باب المعظم وفي اخر ايامه صار وكيلاً لقبض الرواتب
التقاعدية للعجائز والمسنين، الذي لايقدرون على مراجعة دائرة التقاعد
التي كانت عبارة عن غرفة واحدة في شعبة المحاسبات في وزارة المالية
ويديرها السيد محمد حسين النواب والد الدكتور ضياء النواب حيث كان
عدد المتقاعدين قليلاً جداً وبهذه الوكالات استطاع توفيق ان يلتقط من
الاخبار التي كان يحصل عليها من البيوت ما لا يستطيع احد التقاطه
لذلك اطلق عليه احد الصحفيين لقب توفيق ابو هافا (هافا هي وكالة الانباء الفرنسية)
وكان توفيق بسيطاً حسن السلوك يقضي حوائج الناس بقدر مايستطيع
وكان رجاؤه ووساطاته لدى المسؤولين الكبار في الحكومة لاترد.






جاسم ابو الهبزي وعرب احمد بنية

وهؤلاء الثلاثة يشتركون في شيء واحد هو ادعاؤهم بما ليس فيهم، فجاسم ابو الهبزي
يدعي بالمراجل والشقاوة وكلما تحصل جريمة قتل يتردد على المقاهي
ومراكز الشرطة ويسأل ان كان قد ذكر اسمه في قائمة المشبوهين وكان
يصادق المشهورين من الاشقياء مثل ابراهيم الاسود والحجي شاكر الخياط
وقد نال من التوقيف والضرب ما لم ينل مثله احد ويساق الى المحاكم ولكنه
يخرج بريئاً لعدم وجود اي دليل ضده ولكنه لم يرتدع ويعود الى ادعاءاته
الى ان تم توقيفه في حادث مقتل احمد الشبان في باب الشيخ من قبل الحجي شاكر
وعزيز الاقجم حيث اوقف لمدة سبعة اشهر وتلقى من العذاب ما جعله يتوب
توبة صادقة وبعدها عكف في بيته وقضى نحبه



دعبول البلام

اشهر بلام في بغداد خصوصاً ايام الصيف جين ينزل الناس بالزوارق
الى شاطىء الكاورية ترفيها عن النفس واكل السمك المسكوف وهو قارىء
جيد للمقام العراقي وفكه ظريف وقد كفانا الاستاذ يوسف العاني مشقة الكتابة
عنه تفصيلاً فقد جاء ذلك في تمثيليته المشهورة (دعبول).




شفتالو

وهو قزم ايراني اقرع يتظاهر بالبله
ويشتغل في مقهى حسن عجمي، يسقي الماء ويقوم ببقية اعمال القهوة
وكان يعرف جميع روادها معرفة تامة فهو يتساءل دائماً بطريقة خبيثة عن
اسمائهم وحسبهم ونسبهم ونقائهم وفضائلهم وكان له صديق حميم واخر عدو
مبين اما صديقه فهو القزم العروف (خليلو) المشوه الخلق العارف جيداً بالمقامات
العراقية والاغاني العراقية وغير العراقية.والمعتاش على الصدقات والاكراميات
من عارفيه والفنانين والفنانات وقد ظهر على شاشة التلفزيون العراقي في يوم
من الايام مقلداً مختلف الاغاني كشخصية بغدادية غريبة متصلة بالفن، برغم
مظهره الخارجي، أ.ا عدو شفتالو اللدود فهو المرحوم حسن حراسة وكان يخافه
خوفاً شديداً ويرتجف لمجرد ذكر اسمه وحين يقترب حسن من المقهى بطريق
المصادفة فاما ان يهرب شفالتو الى دربونة بيت الشابندر القريبة من المقهى
واما ان يختبىء من (الاوجاغ) بحماية حسن عجمي والسبب في ذلك ان
المرحوم حسن حراسة قد اشتهر بالمراجل والشقاوة وقد الصقت به قتل
سياسية مثل مقتل الكوميسير اليهودي سلمان افندي ومقتل وزير الداخلية
و توفيق الخالدي برغم كونه ملتزم للحراسة ولكن التحقيق الطويل الذي
اجري معه لم يثبت انه قام بعمل من هذه الاعمال.




الحاج خليل ابراهيم القهوجي الكروي القيسي

وكان في صباه قهوجياً في قنبر علي مع ابيه واول ما بدأ عمله مستقلاً كان
في المدرسة الثانوية المركزية في النصف الثاني من العشرينات ثم انتقل الى
دار المعلماني في الثلاثينات وبق هناك حتى استأجر المقهى من الاوقاف في
محلة الخشالات على شارع الرشيد لقد كان خليل القهوجي مثلاً للكرم وحسن
السلوك واللطف في المعاملة واستمرت صداقته الوثيقة مع جميع الذين عرفوه م
ن طلاب الثانوية ودار المعلمين حتى بعد تخرجهم واشغالهم الوظائف في الدولة
المهمة منها وغير الهمة وخصوصاً ضباط الجيش وبقيت علاقاته الوثيقة معهم
قائمة حتى تقاعدهم من الخدمة وصارت قهوته مركزأ للاستعلامات ومحطة للبريد
والحوالات والامانات مابين بغداد والمحافظات فقد كانت اكثر عناوين الرسائل
وعناوين الحوالات المالية ترد وتصدر بواسطة قهوة خليل.

وقد اعتاد رواد القهوة كما اعتاد هو ان يترك التخت مع صينية الواردات
مباحة للعموم حتى ان اخاه سلمان وهو من ام يهودية تزوجها ابوه في قنبر علي
كان سلمان هذا يترك الصينية تحت رحمة كل من يجلس على التخت وجاء في
يوم من الايام احد المزاحمين في المزاد الذي اقيم في مديرية الاوقاف العامة
لاستئجار المقهى وزاد على الحجي في الايجار فاستنكر خليل ذلك واستاجر مقهى اخر
بجوار المقهى الاول ولكنه لم يستأنس في هذه المقهى وركبته الحسرة والكآبة
وترك العمل نهائيا وتوفي الى رحمة الله








عرب



صاحب مقهى باب المعظم فقد كان من طراز آخر فهو نفاج نفاخ لايدعي
البطولات والشقاوة لكنه يدعى بالحلول السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي
يقدمها لكبار القوم فيقول مثلاً انه كان مدعواً للعشاء عند الملك فيصل الاول
وقدم له النصائح في كيفية حكم العراق او ان المندوب السامي البريطاني المستر
هنري دوبس قد زاره في منتصف الليلة الماضية وشرب عنده الشاي او ان المس بل
قد عشقته وراودته عن نفسها ولكنه رفض ذلك بكل اباء احتراماً للحجي ناجي
وكانت هذه الاحاديث اللطيفة الفكهة تجعل مقهاه منتدى لكثير من الادباء والظرفاء
في بغداد يتمتعون بالخيال الساحر لصاحب المقهى وسخريته من الاحداث كما كان
يعرف وباصرار شديد كل مرتادي قهوته فان لم يكن يعرفه فانه يقدم له الشاي
او الحامض مجاناً ويبدأ حديثه معه (بلا صغر بيك منو جنابك) ذلك ان قهوتي
هي للاصدقاء والمحبين وستكون انت احدهم وبحديثه المعسول جلب الناس اليه
وكثر المريدون اما ابنه فقد فتح مقهى في كمب الاعظمية وسماها قهوة عرب
باسم ابيه المرحوم ولكن شتان مابين الاب والابن











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق