الأربعاء، يناير 19، 2011

الفنان العراقي سامي مشاري


درج الفنان سامي مشاري على صيد الافكار ، ليس بروحية القناص الخاضع لشروط الصدفة ، وإنما بروحيـّة المسافر السادر في مشيته ، المحتاج الى حمل ما يفيض من العـقل والعـاطفة0
هذا الفيض الذي يـثـقـل خطوات الفـنان ، هو نفسه معيـنه ومصادر لوحاته0
كل لـوحة هي مـعالجة عـنيدة لـفكرة تـتهرب من التشكـّل والحضور ، نرى فيها لـحظات صراع الفـنان وتـمـزقــّه مع نـزقـها وصيرورتها عملاً منجـزاً ، وأثـر هذا الصراع يـتجـلـّى في تلك البقـع اللونيـّة  غير المحسوبة ، والملامح الشخـصية غير المسـتقرة ، والاشكال الـمركونة في غير مكانها ، والالوان المنقلبة على بعـضها0000 وبهذا تكون اللوحة عند الفنان سامي  ، ساحة معركة مابين إرادة الـفنان وعصيان الفكرة 0
فالفنان إنما يقوم بترويض جموح الافكار وإنفلاتها وتمـردها ، حتى كـأنـّها تملك كينونة مستقلة عن ذات الفنان  ، الذي يحارب باللوحة لكي يفترع تلك الافكار ، لكي يتناص ّ معها ،
لكي تكون كينونتها من كينونته 0
إن ّ اللوحة لا تمتلك نسيجها  مالم تمتلك فكرتها 0 يبالغ من يتصور ان الفنان يهيمن على مدار أفكاره  وحركتها مثلما يهيمن قائد على معركة 0 وبهذا تحمل اللوحات شظايا من فكرة ، وثلمة
من جدارها ، ولقمة من صحنها ،لأن الأفكار لا تولد مكتملة ، ولا تأتي ناضجة ، ونقصها
وفجاجتها هو ما يمسك به الفنان أولاً0 وينطلق من هذه البدايات الى ما سوف يتحقق بالعمل
والخلق 0 من هذا يمثل يمكن (المعرض) أي ّمعرض ،هو شتات الافكار وفلذات عناصرها ووحداتها المتناثرة في اللوحات 0
 
 
ينتمي  فن سامي مشاري للمدرسة التعبيرية ، التي تستعير من الرمزية بعض فتوحاتها وأجوائها ، لبناء أعمدة  جمالية تخدم القيم التعبيرية 0 وتظهر المدرستان معا في مزيج غني بالاْيحاءات ذات المستويات البلاغية ، والعناصر الخطية00000 كإقحام الكتل الهندسية ،
وتضخيم بعض المفردات التعبيرية ، وتقزيم الاشخاص ، وإدخال العناصر الزخرفية في صلب الموضوع الواقعي ،وحذف البعد الثالث ، واستلهام الفضاء المسرحي في المشهد التعبيري ،
وغرام الفنان بتقنية فن الكولاج (اللصق) وتطبيقها رسما 0
كل هذا وغيره قدمه الفنان في مزيج مفعم بالحيوية والمرونة الخطية التي تحاكي رسوم الاطفال أحياناً 0 وتعبيرية الفنان سامي على الرغم من استنادها على الرمزية ، لم تقع في
أسر الرمزية الملغزة ، لان موضوعاته ليست ذهنية ، ولاْن معالجته الشعرية للموضوع
تعمل على فضح الاسرار ، وكشف الدلالات ذات الاشارات الراكزة في الوعي الجمعي 0
 
والفنان سامي مشاري رسام جداريات ،يشتغل على المساحات الكبيرة المفتوحة ، فانعكس هذا الولع في أعماله الأخرى 000 فنرى تمسكه بناصية الموضوع  ، وانكبابه على معالجة عناصره ، واللعب على مستويات التصميم ، وتوقيعات الالوان ، وتوزيع المفردات وسد الثغرات في فضاءات السطوح 0 فتبدو لوحاته مزدحمة بالاشكال والمفردات وكأنها سوق شعبي0
وعلى الرغم من ان لوحات المعرض نفذت بأساليب مختلفة ، ومعالجات فنية تنحو منحى التجريد ، أو تمعن بـإبراز قيم جمالية زخرفية ، الا ّ أنّ معظم الأعمال تنتضمها قواسم مشتركة
تستمـد ّها من أنساق الموضوعات المتواشجة ورموزها المألوفة 0
 
إن ّ المعرض يقدم اعترافا بسطوة الموضوع الاجتماعي على وعي الفنان في ظرف وطني
عصيب ، لا يمكن للفنان أن يغض ّ الطرف عن تداعياته ،ولا  أن يتنكر لجذوره الطبقية  وثقافته التنويرية 0 لكن الموضوع الاجتماعي لم يطرح بكيفية تقليدية ، ولا بطريقة إتباعية ،
بل من خلال تقنيات اسلوبية أعطت للقيم التعبيرية أولوية في البروز على الموضوع الواقعي 0
 
وبذلك أغنى الفنان الموضوعة الاجتماعية وأبعدها عن المشهد التقليدي الذي ألفته العين
العراقية : المشهد الذي يبرز الحدث التمثيلي كشكل ، والمعنى الاْدبي  كمضمون 0
إنّ عملاً  دؤوباً مقبلاً ، سيدفع الفنان سامي مشاري الى إخضاع موضوعه للبحث والاستقصاء ، وتشذيب اسلوبه من العناصر الطفيلية ، وأعشاب الوحدات الزخرفية ، التي تستهلك فضاء
اللوحة ، وتغمط تعبيريتها ، التي يتمسك بها الفنان  كمنطلق فني في طريقه الابداعي الطويل 0
 
 
                                       **************
سيرة ذاتية للفنان
 
*1952 – ولد في مدينة السماوة 0 
*1975 – تخرج من معهد الفنون الجميلة/ قسم الرسم 0
* 1976 – أقام معرضه الأول على قاعة جمعية الثقافة الكردية-بغداد0
*1977 – أقام معرضه الثاني على قاعة مدرسة سومر – السماوة 0
*1980 – عرض مع مجموعة من الفنانين على قاعة كازينو الشاطيء- السماوة 0
* 2005 – أقام معرضه الشخصي الثالث على قاعة كلية التربية- السماوة 0
*2006 – أقام معرضه الرابع على قاعة الغدير- السماوة 0
* شارك في العديد من المعارض المشتركة ، ومعارض وزارة التربية 0
*يعمل حاليا مشرفاً تربوياً للتربية الفنية في تربية محافظة المثنى – العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق